للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّسَب، ولا يَتَسَاءَلُون عَنْ ذلك؛ فَهَذِه حَالات لا يَتَسَاءَلُون في مَوْضِع، ويَتَسَاءَلُون في مَوْضِع آخَر (١).

وأوْضَح السمعاني الْمُرَاد بانْقِطَاع الأنْسَاب، فَقَال: قَوله تَعالى: (فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ) أي: لا أنْسَاب يَتَفَاخَرُون ويَتَوَاصَلُون بِهَا، وأمَّا أصْل الأنْسَاب فَبَاقِيَة.

وأمَّا قَوله عليه الصلاة والسلام: كُلّ سَبَبٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِع إلَّا سَبَبِي ونَسَبِي (٢).

أي: لا يَنْفَع سَبَب ولا نَسَب يَوم القِيَامَة إلَّا سَبَبِي ونَسَبِي.

ويُقَال: سَبَبُه القُرْآن، ونَسَبه الإيمان (٣).

وقَوله: (وَلَا يَتَسَاءَلُونَ)، أي: لا يَسْأَل بَعْضُهم بَعْضًا سُؤَال تَوَاصُل.

فإن قِيل: ألَيْس أنَّ الله تَعالى قَال: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) (٤)؟

الْجَوَاب: مَا رُوي عن ابنِ عباس أنه قَال: يَوْم القِيَامَة مَوَاطِن وتَارَات، فَفِي مَوْطِن يَشْتَدّ عَليهم الْخَوْف فَتَذْهَل عُقُولُهم فَلا يَتَسَاءَلُون، وفي مَوْضِع يُفِيقُون إفَاقَة فَيَتَسَاءَلُون (٥).


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (٢/ ٤٩٠).
(٢) رواه من حديث عُمر: عبد الرزاق (ح ١٠٣٥٤)، والطبراني (ح ٢٦٣٣)، وفي الأوسط (٥٦٠٦)، ومن طريقه الضياء في المختارة (ح ١٠١)، ورواه البيهقي في الكبرى (ح ١٣١٧١)، وقال الهيثمي المجمع (٩/ ١٧٣): رواه الطبراني في الأوسط، والكبير باختصار، ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل، وهو ثقة. وقال الألباني (الصحيحة ٥/ ٥٨): صحيح بمجموع طرقه.
وله شواهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ومن حديث المسور بن مخرمة.
(٣) قال الأزهري: النسب يكون بالولادة، والسبب بالتزويج. (غريب الحديث، ابن الجوزي ١/ ٤٥١).
وينظر: لسان العرب، مرجع سابق (١/ ٤٥٩).
(٤) هكذا في المطبوع، (فَأَقْبَلَ) [الصافات: ٥٠] الآية، وهذه الآية في تحاور أهل الجنة، كما هو واضح من السياق. وأما التي في تساؤل الكفار يوم القيامة، فهي بالواو في أولها (وَأَقْبَلَ) [الصافات: ٢٧] الآية.
(٥) تفسير القرآن، مرجع سابق (٣/ ٤٩١).

<<  <   >  >>