للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ) [البقرة: ٢١٠] نَقَل أقْوَالًا في مَعْنَى الْمَجِيء، وخَتَم تَفْسِير الآيَة بقَولِه: ولا يَجُوز أن يُحْمَل هذا ومَا أشْبَهَه مِمَّا جَاء في القُرْآن والْخَبَر على وَجْه الانْتِقَال والْحَرَكَة والزَّوَال؛ لأنَّ ذلك مِنْ صِفَات الأجْرَام والأجْسَام، تَعَالى الله الكَبير الْمُتَعَال ذو الْجَلال والإكْرَام عن مُمَاثَلَة الأجْسَام عُلُوًّا كَبِيرًا (١).

ويَقُول في مَوْضِع آخَر: والقَاعِدة تَنْزِيهه جَلَّ وعَزّ عن الْحَرَكَة والانْتِقَال وشَغْل الأمْكِنَة (٢).

وسيأتي مَزِيد بَيَان وتفصيل في الفَصْل الثَّالِث.

وتأوّل صِفَة النُّزُول، حيث أوْرَد القرطبي في تفسير سورة الْمُزَّمِّل مَا جَاء عنه عليه الصلاة والسلام في النُّزُول الإلهي، ثم أوْرَد لَفْظ رِوايَة النسائي (٣) "إنَّ الله عَزَّ وَجَلّ يُمْهِل حتى يَمْضِي شَطْر الليل الأوَّل، ثم يَأمُر مُنَادِيًا يَقُول: هل مِنْ دَاع يُسْتَجَاب له؟ هل مِنْ مُسْتَغْفِر يُغْفَر له؟ هل مِنْ سَائل يُعْطَى؟ (٤) ثم قال: صَحَّحَه أبو محمد عبد الحق. فَبَيَّن هذا الْحَدِيث - مَع صِحَّتِه - مَعْنَى النُّزُول" (٥).

وسيأتي مَزِيد بَيَان في الفَصْل الثَّالِث.

وقَرَّر أنه لا يَجُوز الابْتِدَاء بِشَيء مِنْ صِفَات الله عزّ وَجَلّ، كَالْيَدِ والرِّجْل والأصْبع والْجَنْب والنُّزُول إلى غير ذلك إلَّا في أثْنَاء قِرَاءة كِتَابِه أوْ سُنَّةَ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم (٦).


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٣/ ٢٨).
(٢) المرجع السابق (٦/ ٣٥٩).
(٣) انظر: السنن الكُبْرَى (الأحاديث مِنْ ١٠٣٠٩ إلى ١٠٣٢١).
(٤) أصْل الْحَدِيث ثَابِت في الصَّحِيحَين. وهو بِهذا اللفظ ضعيف. انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والْمَوضُوعَة، الألباني (٨/ ٣٩٩).
(٥) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٩/ ٣٤، ٣٥).
(٦) انظر: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١١/ ٢٢٧)، وسيأتي تحقيق هذه المسألة في المثال الثاني من المبحث الثالث مِنْ الفصل الثالث.

<<  <   >  >>