للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَمَا أوَّل صِفَة كَفّ الرحمن ويَمِينه (١).

وأوَّل العَجَب (٢) بِعِدَّة تَأوِيلات (٣)، مِنها:

"بِمَعْنَى وُقُوع ذلك العَمَل عند الله عَظِيمًا".

وبمعنى: "جَازَيْتُهم على التَّعَجُّب".

"ويَجُوز أن يَكُون إخْبَار الله عن نَفْسِه بِالعَجَب مَحْمُولًا على أنه أظْهَر مِنْ أمْرِه وسَخَطِه على مَنْ كَفَر بِه مَا يَقُوم مَقَام العَجَب مِنْ الْمَخْلُوقِين، كَمَا يُحْمَل إخْبَارُه تَعَالى عن نَفْسه بالضَّحِك لِمَنْ يَرْضَى عَنه (٤).

"ويُقَال: مَعْنَى: "عَجِب رَبُّكُمْ" (٥)، أي: رَضِي وأثَاب، فَسَمَّاه عَجَبًا وليس بِعَجَب في الْحَقِيقَة" (٦).

وكَان قَبْل ذلك نَقَل عن الفراء قَوْلَه: العَجَب إن أُسْنِد إلى الله عزّ وَجَلَ فَلَيس مَعْنَاه مِنْ الله كَمَعْنَاه مِنْ العِبَاد، وكَذلك قَوْله: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة: ١٥]، ليس ذلك مِنْ الله كَمَعْنَاه مِنْ العِبَاد (٧).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٨/ ٢٢٩، ٢٣٠)، وسيأتي الكلام على ما يتعلّق باليمين واليدين.
(٢) وقَارِن بـ جامع البيان (١٣/ ٤٣٢ وما بعدها) و (١٩/ ٥١٣، ٥١٤) فقد أثْبَتَ صِفَة العَجَب لله عزّ وَجَلّ.
(٣) وقد تَعَقّبه أحمد الْمَزِيْد في رِسَالتِه: "منهج الإمام القرطبي في أصُول الدِّين" (ص ١٨٤ وما بعدها)، فلْتُنْظَر.
(٤) وهذا تَأوِيل لِصِفَة الضَّحِك! وقد بَنَى تأويلا على تَأويل!
(٥) رواه أبو نُعيم في تاريخ أصبهان (٢/ ٢٤) بلفظ: عَجِب رَبُّكُمْ.
وقد جاءت أحاديث في إثْبَات العَجَب لله عزّ وَجَلّ، وهو عَجَب يَليق به سبحانه وتعالى. فمن ذلك ما رواه البخاري: (ح ٢٨٤٨): عَجب الله مِنْ قَوم يَدْخُلُون الْجَنَّة في السَّلاسِل.
ومِمَّا جاء في العَجَب قوله عليه الصلاة والسلام لأبي طلحة وَزَوْجِه: عَجِب الله مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا الليلة.
رواه البخاري (ح ٤٦٠٧) ومسلم (ح ٢٠٥٤)، وانظر: السنة، ابن أبي عاصم، بابٌ في تَعَجُّبِ رَبّنا مِنْ بَعْض مَا يَصْنَع عِبَاده مِمَّا يُتَقَرَّب بِه إليه (١/ ٢٤٩ وما بعدها)، و"صِفات الله عزّ وَجَلّ الواردة في الكتاب والسنة"، علوي السقاف (ص ١٧٥ - ١٧٧).
(٦) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٥/ ٦٤).
(٧) المرجع السابق، الموضع السابق.

<<  <   >  >>