للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ابن جرير أوْرَد رِوَايَات (١) في كَوْن إبليس دَخَل الْجَنَّة في فَمِ الْحَيَّة، ثم قال: وقد رُوِيَت هَذه الأخْبَار عَمَّن رَوَيْناها عَنه مِنْ الصَّحَابة والتَّابِعين وغَيرهم في صِفَة اسْتِزْلال إبْليس - عَدُوّ الله - آدمَ وزَوْجَته حتى أخْرَجَهما مِنْ الْجَنَّة.

وأوْلى ذلك بِالْحَقّ عِنْدنَا مَا كَان لِكِتَاب الله مُوَافِقًا (٢).

وذَكَر السمعاني الْخِلاف، وأوْرَد في الْمَسْألَة ثَلاثَة أقْوَال، فَقَال: الوَسْوَسَة حَدِيث يُلْقِيه الشَّيْطَان في قَلْب الإنْسَان.

واخْتَلَفُوا كَيف وَسْوَس لَهُما وهُمَا في الْجَنَّة وهو في الأرض؟

فَقِيل: وَسْوَس لَهُما مِنْ الأرض، لأنَّ الله تعالى أعْطَاه قُوَّة بِذلك حتى وَسْوَس لَهُما بِتِلْك القُوَّة مِنْ الأرْض إلى الْجَنَّة.

وقِيل: حِين وَسْوَس لَهُما كَان في السَّمَاء، فالْتَقَيا على بَاب الْجَنَّة هو وآدَم، فَوَسْوَس.

وقيل: إنَّ الْحَيَّة خَبَّأته في أنْيَابِها وأدْخَلَتْه الْجَنَّة، فَوَسْوَس مِنْ بَيْن أنْيَابِها، فَمُسِحَتْ (٣) الْحَيَّة، وأُخْرِجَتْ مِنْ الْجَنَّة (٤).

وأوْرَد الثعلبي إشْكَالًا آخَر أوْرَدته القَدَرِيَّة حَيث "احْتَجُّوا بأنَّ مَنْ دَخَل الْجَنَّة يَسْتَحِيل الْخُرُوج مِنها، قَال الله تعالى: (وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ) [الحجر: ٤٨].

قال: والْجَوَاب عنه:


(١) سبقت الإشارة إليها في نقل كلام القرطبي.
(٢) جامع البيان، مرجع سابق (١/ ٥٦٨).
(٣) لعلها: فَمُسِخَتْ - بالخاء -.
(٤) تفسير القرآن، مرجع سابق (٢/ ١٧٠).

<<  <   >  >>