للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِقَاع الأرْض، حتى يوفِّيَ الْمُحْسِنَ مِنْكم جَزَاءه بإحْسَانِه، والْمُسِيء عِقَابه بِإسَاءَتِه، أوْ يَتَفَضَّل فَيَصْفَح (١).

وقال: وقَوله: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) يَقُول تَعالى ذِكْرُه: هَؤلاء الذين هَذه الصِّفَات صِفَاتُهم يُبادِرُون في الأعْمَال الصَّالِحَة ويَطْلُبُون الزُّلْفَة عِنْد الله بِطَاعَتِه.

وقال: وقَوله: (وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) كَان بَعْضُهم يَقول: مَعْنَاه: سَبَقَتْ لهم مِنْ الله السَّعَادَة، فَذَلك سُبُوقُهم الْخَيْرَات التي يَعْمَلُونَها.

وَعَزا هَذا القَول إلى ابن عباس رضي الله عنهما.

ثم قال: وكان بَعْضُهم يَتَأوَّل ذَلك بِمَعْنى وهُم إلَيها سَابِقُون.

وتَأوَّله آخَرُون: وهُم مِنْ أجْلِها سَابِقُون.

وأَوْلى الأقْوَال في ذَلك عِنْدي بالصَّوَاب القَول الذي قاله ابن عباس مِنْ أنّه سَبَقَتْ لَهُمْ مِنْ الله السَّعَادَة قَبْل مُسَارَعَتْهم في الْخَيْرَات، ولِمَا سَبَق لهم مِنْ ذَلك سَارَعُوا فِيها.

قَال: وإنّما قُلْتُ ذَلك أَوْلَى التَّأوِيلَين بالكَلام لأنَّ ذَلك أظْهَر مَعْنَيَيه، وأنّه لا حَاجَة بِنَا إذَا وَجَّهْنَا تَأوِيل الكَلام إلى ذلك إلى تَحْوِيل مَعْنى اللام التي في قوله: (وَهُمْ لَهَا) إلى غَير مَعْنَاها الأغْلَب عَليها (٢).

وقَال في مَوْضِع آخَر: وقَوله: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) يَقُول الله: إنَّ الذين سَمّيْنَاهُم - يَعْني زَكَريّا وزَوْجَه ويَحْيى - كَانُوا يُسَارعُون في الْخَيْرَات في طَاعَتِنَا، والعَمَل بِمَا يُقَرِّبُهم إلَينا (٣).


(١) جامع البيان، مرجع سابق (٢/ ٦٧٩ - ٦٨١).
(٢) المرجع السابق (١٧/ ٧٢، ٧٣).
(٣) المرجع السابق (١٦/ ٣٨٩).

<<  <   >  >>