للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في تَفْسير قَوله تَعالى: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا): يَعْني إلَيها سَابِقُون، كَقَولِه: (لِمَا نُهُوا عَنْهُ) [الأنعام: ٢٨] و (لِمَا قَالُوا) [المجادلة: ٣] ونَحوهما. وكان ابن عباس يقول في مَعْنَى هَذه الآيَة: سَبَقَتْ لهم مِنْ الله السَّعَادَة، ولِذلك سَارَعُوا في الْخَيْرَات (١).

وفي تَفْسير قَوله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) قال: (إِنَّهُمْ) يَعْنِي الأنْبِيَاء الذين سَمَّاهُم في هذه السُّورَة كَانوا يُسَارِعُون في الْخَيْرَات، (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) خَوْفًا وطَمَعًا، رَغَبًا في رَحْمَة الله، ورَهَبًا مِنْ عَذَاب الله (٢).

وأمَّا الرَّازي فَقَد أشَار إلى مَعْنَى (وَلِكُلٍّ)، وعَلَّلَ ذَلك بِأنه "مَعْرُوف الْمَعْنَى عِنْدَهم فَلَم يَضُرّ حَذْف الْمُضَاف إليه، وهو كَثير في كَلامِهم (٣).

ثم ذَكَر مَنْ يَتناوله لَفْظ العُمُوم في (كلّ)، فَقَال: فِيه أرْبَعة أوْجُه:

أحَدها: أنه يَتَناول جَمِيع الفِرَق، أعْنِي الْمُسْلِمِين واليَهُود والنَّصَارى والْمُشْرِكِين وهو قَول الأصَمّ. قال: لأنَّ في الْمُشْرِكِين مَنْ كَان يَعْبُد الأصْنَام، ويَتَقَرّب بِذلك إلى الله تعالى، كَمَا حَكَى الله تَعالى عَنهم في قَوله: (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) [يونس: ١٨].

وثَانِيها: - وهو قَول أكْثر عُلَمَاء التَّابِعِين - أنَّ الْمُرَاد أهْل الكِتَاب، وهُم الْمُسْلِمُون واليَهُود والنَّصَارَى، والْمُشْرِكُون غَير دَاخِلِين فِيه.

وثَالِثها: قال بَعْضُهم: الْمُرَاد لِكُلّ قَوم مِنْ الْمُسْلِمِين وِجْهَة، أي: جِهَة مِنْ الكَعْبَة يُصَلِّي إلَيها؛ جَنُوبِيَّة، أوْ شَمَالِيَّة، أوْ شَرْقِيَّة، أوْ غَرْبِيَّة.

ورَابعُها: قال آخَرُون: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ) أي: لِكُلّ وَاحِد مِنْ الرُّسُل وأصْحَاب الشَّرَائع جِهَة قِبْلَة.


(١) الكشف والبيان، مرجع سابق (٧/ ٥١).
(٢) المرجع السابق (٦/ ٣٠٥).
(٣) التفسير الكبير، مرجع سابق (٤/ ١١٩) باختصار.

<<  <   >  >>