للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقِبْلَة الْمُقَرَّبِين العَرْش، وقِبْلَة الرَّوحَانِيِّين الكُرْسِي، وقِبْلَة الكَرُوبِيِّين (١) البَيْت الْمَعْمُور، وقِبْلَة الأنْبِيَاء الذين قَبْلَك بَيْت الْمَقْدِس، وقِبْلَتُك الكَعْبَة (٢).

ومَعْنَى (هُوَ مُوَلِّيهَا) عِنْد الرَّازي: أي: هُو مُوَلِّيها وَجْهَه، فاسْتَغْنَى عن ذِكْرِ الوَجْه.

قال الفَرَّاء: أي: مُسْتَقْبِلها. وقال أبو معاذ: مُوَلِّيها على مَعْنَى مُتَوَلِّيها، يُقال: قد تَولَّاها ورَضِيَها واتَّبَعَها.

ثم قال الرازي: أمَا قَوله: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) فَمَعْنَاه: الأمْر بالبِدَار إلى الطَّاعَة في وَقْتِها (٣).

واكْتَفَى في تَفسير سُورة الأنْبياء بالإشَارَة إلى الْمَعْنَى العَامّ، فَقَال: والْمُسَارَعَة في طَاعَة الله تَعالى مِنْ أكْبَر مَا يُمْدَح الْمَرْء بِه؛ لأنه يَدُلّ على حِرصٍ عَظِيم عَلى الطَّاعَة (٤).

وقال ابنُ جُزي: (يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) والضَّمِير للأنْبِياء الْمَذْكُورِين.


(١) قال الخطابي في "غريب الحديث" (١/ ٤٤٠): وقوله: كَرُب، أي: قارب الإدراك، ومنه الملائكة الكروبيون، وهم المقربون، وقال بعضهم: إنما سموا كروبيين لأنهم يدخلون الكرب على الكفار، وليس هذا بشيء.
وفي "غريب الحديث" لابن الجوزي (٢/ ٢٨٤): قال أبو العالية: الكروبيون سادة الملائكة. وقال الليث: يقال لكل شيء من الحيوان إذا كان وثيق المفاصل: إنه لمكرب المفاصل.
وقال ابن تيمية (بغية المرتاد- ص ٢٣٠): ذَكَرَ مَنْ ذَكَر مِنْ الْمُفَسِّرين أن الملائكة الْمُقَرَّبِين هُمْ حَمَلَة العَرْش والكَرُوبِيُّون مِنْ الْمَلائكَة مُشْتَقّون من كَرُب إذا قَرُب، فالْمُرَاد وصفُهم بالقُرب لا بالكَرْب الذي هو الشِّدّة، كما يَظُن ذلك طوائف من هَؤلاء ويُفَرِّقُون بين الكروبيين والرَّوْحانِيِّين، بأنَّ أولئك في عَالم الجلال، وهؤلاء في عالم الْجَمَال، فإن هذا توهم وخيال لم يقله أحد من علماء أهل الملل المتلقين ما يقولونه عن الرُّسُل صلى الله عليهم وسلم أجمعين.
ويُنظر: كتاب العرش، ابن أبي شيبة العبسي (ص ٦٥)، ولسان العرب، مرجع سابق (١/ ٧١٤)، وتفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (١٢/ ١٧١)، وفتح الباري، ابن حجر (٦/ ٣٥٤).
(٢) التفسير الكبير، مرجع سابق (٤/ ١١٩).
(٣) المرجع السابق (٤/ ١٢٠).
(٤) المرجع السابق (٢٢/ ١٨٨).

<<  <   >  >>