للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَامّ، ثم قال: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ)، وهُو في الظَّاهِر خَاصّ، ثم قال بَعْدَه: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) وهذا عَامَّ، فَيُفْهَم مِنْ عُمُوم مَا قَبْل الآية وعُمُوم مَا بَعْدَها عُمُومها أيضا" (١).

وَرَجَّح أنَّ "الْمَنْفِي بِقَولِه: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) هو حُصُول الاهْتِدَاء على سَبِيل الاخْتِيَار" (٢).

وصَدّر ابن جُزي تَفْسير آية "البقرة" بِقَولِه: قِيل: إنَّ الْمُسْلِمِين كَانُوا لا يَتَصَدّقون على أهْل الذِّمَّة، فَنَزَلَتْ الآية مُبِيحَة للصَّدَقَة على مَنْ لَيس عَلى دِين الإسْلام، وذلك في التَّطَوُّع، وأمَّا الزَّكَاة فلا تُدْفَع لِكَافِرٍ أصْلا. فالضَّمِير في (هُدَاهُمْ) على هَذا القَوْل للكَافِر.

وقِيل: لَيس عَليك أن تَهْدِيهم لِمَا أُمِرُوا بِه مِنْ الإنْفَاق وتَرْك الْمَنّ والأذَى والرِّيَاء والإنْفَاق مِنْ الْخَبِيث، إنّما عَليك أن تُبَلِّغهم، والْهُدَى بِيَدِ الله، فَالضَّمِير على هذا للمُسْلِمِين (٣).

وأوْرَد ابن كَثير مَا رَواه النسائي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في سَبب النُّزُول، وأوْرَد أيضًا مَا رَوَاه ابن أبي حاتم مِنْ حَديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كَان يَأمُر بأن لا يُتَصَدّق إلَّا عَلى أهْل الإسْلام حتى نَزَلَتْ هَذه الآية: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) إلى آخِرِها، فأمَرَ بالصَّدَقَة بَعْدَها عَلى كُلّ مَنْ سَألَك مِنْ كُلِّ دِين (٤).


(١) التفسير الكبير، مرجع سابق (٧/ ٦٨).
(٢) المرجع السابق، الموضع السابق.
(٣) التسهيل لِعلوم التنْزيل، مرجع سابق (١/ ٩٣).
(٤) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٢/ ٤٧٦).

<<  <   >  >>