للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي تَفْسير سورة الممتحنة ذَكَر حَدِيث أسْمَاء (١)، وقَد ذَكَر رِوايات للإمام أحمد ولابن جَرير، ولم يُشِر إلى تَخْريج الْحَدِيث في الصحيحين.

وقال الثعالبي: وقَوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) الآية. وَرَدَتْ آثَار أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَنَعَ فُقَرَاء أهْل الذِّمَّة مِنْ الصَّدَقَة، فَنَزَلَتْ الآية مُبِيحَة لهم.

قال: وذَكَر الطَّبري أنَّ مَقْصِد النبي صلى الله عليه وسلم بِمَنْع الصَّدَقَة إنّما كَان ليسْلِمُوا لِيَدْخُلُوا في الدِّين، فَقَال الله سُبحانه: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) (٢).

ثم نَقَل ما ذَكَره ابن عطية مما تَقَدَّم.

واخْتَار أبو السعود أنَّ مَعْنَى قَوله: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) أي لا يَجِب عَليك أن تَجْعَلهم مَهْدِيِّين إلى الإتْيَان بِمَا أُمِرُوا بِه مِنْ الْمَحَاسِن، والانْتِهَاء عَمَّا نُهُوا عَنْه مِنْ القَبَائح الْمَعْدُودَة، وإنّما الوَاجِب عَليك الإرْشَاد إلى الْخَير والْحَثّ عليه، والنَّهْي عن الشَّرّ والرَّدْع عَنه بِمَا أُوحِي إليك مِنْ الآيَات والذِّكْر الْحَكِيم (٣).

ونَقَل القاسمي عن أبي السّعود قَوله: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ): والْجُمْلَة مُعْتَرِضَة جِيء بِها عَلى تَلْوين الْخِطَاب وتَوْجِيهه إلى رَسول الله صلى الله عليه وسلم مَع الالْتِفَات (٤) إلى الغَيْبَة فِيمَا بَيْن الْخِطَابَات الْمُتَعَلِّقَة بِالْمُكَلَّفِين مُبَالَغَة في حَمْلِهم على الامْتِثَال، فَإنَّ


(١) المرجع السابق (١٣/ ٥١٨)، وحديث أسماء مخرج في الصحيحين، وسبق تخريجه.
(٢) الجواهر الحسان، مرجع سابق (١/ ٢٢٠).
(٣) تفسيره (١/ ٢٦٤).
(٤) انظر: "البرهان في علوم القرآن"، مرجع سابق (٣/ ٣١٤ وما بعدها)، و "مُعتَرَك الأقران" مرجع سابق (١/ ٣٧٧) وقد عَدّ السيوطي الالتفات مِنْ وُجُوه إعْجَاز القُرْآن.

<<  <   >  >>