للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العَمَل الذي هو النَّصّ على اسْتِخْلاف عليّ، واسْتَخْلَفُوا غيره بِالاجْتِهَاد مِنهم، ومِنهم مَنْ كَفَّر عَلِيًّا إذْ لَم يَقُم بِطَلَب حَقِّه، وهؤلاء لا شَكَّ في كُفْرِهم، وكُفْر مَنْ تَبِعَهم على مَقَالَتِهم، ولَم يَعْلَمُوا أنَّ هَذا اسْتِخْلاف في حَيَاة، كَالْوِكَالَة (١) التي تَنْقَضِي بِعَزْل الْمُوَكِّل أوْ بمَوْتِه، لا يَقْتَضِي أنه مُتَمَادٍ بَعد وَفَاتِه؛ فَيَنْحَلّ على هَذا مَا تَعَلَّق بِه الإمَامِيَّة وغَيرهم، وقد اسْتَخْلَف النبي صلى الله عليه وسلم على الْمَدِينَة ابن أمِّ مَكْتُوم وغيره، ولَم يَلْزَم مِنْ ذَلك اسْتِخْلافه دَائمًا بِالاتِّفَاق، على أنه قد كَان هَارُون شُرِّك مَع مُوسَى في أصْل الرِّسَالَة، فلا يَكُون لَهم فِيه على مَا رَامُوه دَلالَة. والله الْموَفِّق للهِدَايَة (٢).

ونَقَل عن الشعبي قَوْله: تَفَاضَلَت اليَهُود والنَّصَارَى على الرَّافِضَة بِخَصْلَة: سُئِلتِ اليَهُود: مَنْ خَيْر أهْل مِلَّتِكُم؟ فَقَالُوا: أصْحَاب مُوسى. وسُئِلَتِ النَّصَارَى مَنْ خَيْر أهْل مِلَّتِكُم؟ فَقَالُوا: أصْحَاب عِيسى. وسُئِلَتِ الرَّافِضَة: مَنْ شَرّ أهْل مِلَّتِكُم؟ فَقَالُوا: أصْحَاب محمد! أُمِرُوا بِالاسْتِغْفَار لَهم فَسَبَّوهُم؛ فَالسَّيْف عَلَيهم مَسْلُول إلى يَوْم القِيَامَة، لا تَقُوم لَهم رَايَة، ولا تَثْبُت لَهم قَدَم، ولا تَجْتَمِع لَهم كَلِمَة؛ كُلَّمَا أوْقَدُوا نَارًا للحَرْب أطْفَأها الله بِسَفْكِ دِمَائِهم، وإدْحَاض حُجَّتِهم، أعاذنا الله وإيَّاكُم مِنْ الأهْوَاء الْمُضِلَّة (٣).

ونَقَل القرطبي عن ابن العربي قَوْله: تَعَلَّق الرَّافِضَة - لعنهم الله - بِهَذه الآيَة على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (٤).

ونَقَل عن ابن الجوزي تَضْعِيف رَدّ الشمس لِعَلِيّ رضي الله عنه، ثم بَيَّن ضَعْف الْحَديث مَعْنى ومَبْنى، فقال: وهَذا مِنْ حَيْث النَّقْل مُحَال، ومِن حَيْث الْمَعْنَى؛ فإنَّ الوَقْت قَدْ فَات، وعَوْدُها طُلُوع مُتَجَدِّد لا يَرُدّ الوَقْت (٥).


(١) في القاموس (ص ١٣٨١): والاسْم: الوَكَالَة، ويُكْسَر.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٧/ ٢٤٥، ٢٤٦).
(٣) المرجع السابق (١٨/ ٣٢).
(٤) المرجع السابق (١٤/ ١٦٠) ويَقْصِد بِالآيَة قَوله تَعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَه) [الأحزاب: ٣٣].
(٥) المرجع السابق (١٥/ ١٧٥).

<<  <   >  >>