للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) [المجادلة: ٧] قَالوا: ثم نُسِخَ ذلك بالفَرْض الذي فُرِضَ عليهم في التَّوَجُّه شَطْر الْمَسْجِد الْحَرَام.

وقال آخَرُون: نَزَلَتْ هَذه الآيَة على النبي صلى الله عليه وسلم إذْنًا مِنْ الله عَزَّ وَجَلّ لَه أن يُصَلِّي التَّطَوُّع حَيث تَوَجَّه وَجْهَه مِنْ شَرْق أوْ غَرْب في مَسِيرِه في سَفَرِه، وفي حَالِ الْمُسَايَفَة (١) وفي شِدَّة الْخَوف والْتِقَاء الزُّحُوف في الفَرَائض.

والقَول الرَّابع عند ابن جرير: نَزَلَتْ هَذه الآيَة في قُوْم عُمِّيَتْ عَلَيهم القِبْلَة فَلَم يَعْرِفُوا شَطْرَها، فَصَلَّوا عَلى أنْحَاء مُخْتَلِفَة، فَقَال الله عَزَّ وَجَلّ لَهم: لي الْمَشَارِق والْمَغَارِب، فإن وَلّيتُم وُجُوهَكم فَهُنالِك وَجْهي وهو قِبْلَتُكُم، معلمهم بذلك أن صلاتهم ماضية.

والقَول الْخَامِس عنده مَا جَاء في قِصّة النَّجَاشِي.

يَعْنِي بِذلك أنَّ النَّجَاشي وإن لَم يَكُنْ صَلّى إلى القِبْلَة، فإنه قد كان يُوَجِّه إلى بعض وُجُوه الْمَشَارِق والْمَغَارِب وَجْهَه يَبْتَغِي بِذلك رِضَا الله عَزَّ وَجَلّ في صَلاتِه.

والراجِح عِنده: أن الله تعالى ذِكْرُه إنّما خَصّ الْخَبَر عن الْمَشْرِق والْمَغْرِب في هذه الآيَة بأنّهُمَا لَه مِلْكًا، وإنْ كَان لا شَيء إلَّا وَهو لَه مِلْك؛ إعْلامًا منه لِعِبَادِه الْمُؤْمِنين أنَّ له مِلْكَهما ومُلك مَا بَيْنَهُما مِنْ الْخَلْق، وأنَّ على جَمِيعِهم - إذْ كَان لَه


(١) في مختار الصحاح (ص ١٣٦): المسايفة: المجالدة، وتسايفوا تضاربوا بالسيف.

<<  <   >  >>