للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال مجاهد والضحاك: مَعْنَاه: إشَارَة إلى الكَعْبَة، أي: حَيْث كُنْتُم مِنْ الْمَشْرِق والْمَغْرِب فَأنتُم قَادِرُون على التَّوَجُّه إلى الكَعْبَة التي هي وَجْه الله الذي وَجّهَكُم إليه.

قال القاضي أبو محمد: وعلى هَذا فَهي نَاسِخَة لِبَيْت الْمَقْدِس.

وذَكَر ما قاله ابن زيد في قَول اليَهُود وسَبَب النُّزُول. ومَا قَاله ابن عمر في سَبَب نُزُول الآية، وقَد تَقَدَّم. وما جاء عن عبد الله بن عامر، مِمَّا تَقَدَّم أيضًا. ومَا جَاء عن قتادة وقَوله: إنها نَزَلت في النَّجَاشِي. وقول ابن جبير: إنّها نَزَلَتْ في الدُّعَاء.

ونَقَل عن المهدوي قَوله: هَذه الآيَة مُنْتَظِمة في مَعْنَى التي قَبْلَها، أي: لا يَمْنَعكم تَخْرِيب مَسْجِد مِنْ أدَاء العِبَادَات، فإنَّ الْمَسْجِد الْمَخْصُوص للصَّلاة إن خُرِّبَ فَثَمّ وَجْه الله مَوْجُود حَيْث تَوَلَّيْتُم.

وقَوله أيضًا: قيل نَزَلَتْ الآية حِين صُدّ رَسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ البَيْت (١).

وفي تَفْسير آخِر سورة آل عمران زاد ابن عطية حِكاية قَوْل الْمُنَافِقِين في الصَّلاة على النَّجَاشِي، حَيْث قَالوا: انْظُرُوا إلى هذا يُصَلِّي على عِلْج نَصْرَاني لم يَرَه قَطّ، فَنَزَلَتْ هذه الآية (٢).

وأشار الرَّازي إلى الْخِلاف في سَبَب نُزُول قَوله تَعالى: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)، وعَزَا إلى الأكْثَرِين، أنّها إنّما نَزَلَتْ في أمْرٍ يَخْتَصّ بالصَّلاة. ومِنْهم مَنْ زَعَم أنّها إنّما نَزَلَتْ في أمْرٍ لا يَتَعَلَّق بالصَّلاة.

قال: أمَّا القَوْل الأوَّل، فَهو أقْوى لِوَجْهَين:

أحَدها: أنه هو الْمَرْوي عَنْ كَافَّة الصَّحَابة والتَّابِعين وقَولُهم حُجَّة.


(١) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٢٠٠، ٢٠١).
(٢) المرجع السابق (١/ ٥٥٩).

<<  <   >  >>