للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وافْتَتَحَ ابن كَثِير تَفْسِير قَوله تَعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) بِقَولِه: أي: إذا اجْتَنَبْتُم كَبَائر الآثَام التي نُهِيتُم عَنها كَفَّرْنا عَنْكُم صَغَائر الذُّنُوب وأدْخَلْنَاكُم الْجَنَّة، ولِهَذا قَال: (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا).

ثم أطال في ذِكر الرِّوَايَات الْمَرْفُوعَة في ذِكْر الكَبَائر والْمُكَفِّرَات، ثم ذَكَر أقْوَال الصَّحَابَة وأقْوَال التَّابِعِين في عَدّ الكَبَائر، وفي تَعْرِيفِها (١).

ويَرى ابن كثير أنَّ قَوله تَعالى: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) مُرتَبِط بِمَا قَبْلَه خِلافًا لابن عَطِيّة، حيث قال في قَوله تَعالى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ): والْمَعْنَى في هَذه الآيَة: أنَّ الدِّين لَيْس بالتَّحَلِّي ولا بِالتَّمَنِّي، ولكن مَا وَقَر في القُلُوب وصَدَّقَتْه الأعْمَال، ولَيْس كُلّ مَنْ ادَّعَى شَيئًا حَصَل له بِمُجَرّد دَعْواه، ولا كُلّ مَنْ قَال إنه هو عَلى الْحَقّ سُمِعَ قَوله بِمُجَرّد ذلك، حَتى يَكُون له مِنْ الله بُرْهَان، ولِهَذا قَال تَعالى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ)، أي: لَيس لَكُمْ ولا لَهم النَّجاة بِمُجَرّد التَّمَنِّي، بَلْ العِبْرَة بِطَاعَة الله سبحانه واتِّباع مَا شَرَعَه على ألْسِنَة رُسُلِه الْكِرَام، ولِهَذا قَال بَعْدَه: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) (٢).

كَمَا أطَال في ذِكر الرِّوايات أيضًا في الْمُكَفِّرَات.

واخْتَار مَا اخْتَاره ابن جرير مِنْ أنَّ ذلك عَامّ في جَمِيع الأعْمَال (٣).


(١) يُنظَر: تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٣/ ٤٤٨ - ٤٨١).
(٢) المرجع السابق (٤/ ٢٨١).
(٣) يُنظر: المرجع السابق (٤/ ٢٩١).

<<  <   >  >>