للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصَّحِيح أنْ لا نَسْخ، لأنَّ النَّسْخ في الأخْبَار يَسْتَحِيل (١) - وسَيَأتي بَيَان الْجَمْع بَيْن الآي في هذه السُّورَة وفي الفرقان إن شاء الله تعالى -.

وفي الترمذي عن علي بن أبي طالب قال: مَا في القُرْآن آيَة أحَبّ إليَّ مِنْ هَذه الآيَة: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ). قال (٢): هذا حديث حسن غريب (٣).

وفي تَفْسِير قَوله تَعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا):

قال: هَاتَان الآيَتَان نَزَلَتَا بِسَبَب ابن أُبَيْرِق السَّارِق لَمَّا حَكَم النبي صلى الله عليه وسلم عليه بِالقَطْع وهَرَب إلى مَكَّة وارْتَدّ.

قال سعيد بن جبير: لَمَّا صَار إلى مَكة نَقَب بَيْتًا بِمَكَّة فَلَحِقه الْمُشْرِكُون فَقَتَلُوه، فأنْزَل الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) إلى قوله: (فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا).

وقال الضحاك: قَدِم نَفَرٌ مِنْ قُرَيش الْمَدِينَةَ وأسْلَمُوا ثم انْقَلَبُوا إلى مَكَّة مُرْتَدّين، فَنَزَلَتْ هَذه الآيَة.

وقال الكلبي: نَزَل قَوله تَعالى: (نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى) في ابن أُبَيرق لَمَّا ظَهَرَتْ حَاله وسَرِقَته هَرَب إلى مَكَّة وارْتَدّ، ونَقَب حَائطًا لِرَجُلٍ بِمَكَّة، يُقَال له: حَجاج بن عِلاط فَسَقَط فَبَقِي


(١) هذا متعقب بأنه ليس خبرًا محضًا، بل هو خبر بمعنى الأمر. وينظر: معالم التنزيل، مرجع سابق (٣/ ٣٧٨).
(٢) أي: الترمذي، (ح ٣٠٣٧) وقال عقبه: وأبو فاختة: اسمه سعيد بن علاقة، وثوير يكنى أبا جهم، وهو كوفي رجل من التابعين، وقد سمع من ابن عمر وابن الزبير. وابن مهدي كان يغمزه قليلًا.
والأثر ضعيف، ففي إسناده: ثُوير بن أبي فاختة، ضعيف رمي بالرفض. (تقريب التهذيب ترجمة ٨٧٠).
وقول علي هذا كرره القرطبي في تفسير الآية ١١٦ من سورة النساء.
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٢٣٥، ٢٣٦).

<<  <   >  >>