للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في النَّقْب حَتى وُجِد على حَاله، وأخْرَجُوه مِنْ مَكَّة، فَخَرَج إلى الشَّام فَسَرَق بَعض أمْوَال القَافِلَة فَرَجَمُوه وقَتَلُوه، فَنَزَلَتْ: (نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا).

ونَقَل عن ابن فورك قَوله: وأجْمَع أصْحَابُا على أنه لا تَخْلِيد إلَّا للكَافِر، وأنَّ الفَاسِق مِنْ أهْل القِبْلَة إذا مَات غَير تَائب فإنه إنْ عُذِّب بِالنَّار فَلا مَحَالَة أنّه يَخْرُج مِنْها بِشَفَاعَة الرَّسُول، أوْ بابْتدَاء رَحْمَة من الله تعالى.

وقال الضحاك (١): إنَّ شَيْخًا مِنْ الأعْرَاب جَاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَال: يا رسول الله إني شَيْخ مُنْهَمِك في الذُّنُوب والْخَطَايا إلَّا أني لَم أُشْرِك بِالله شَيئا مُنْذ عَرَفْتُه وآمَنْت بِه، فَمَا حَالِي عِند الله؟ فأنْزَل الله تَعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) الآية (٢).

وقال القرطبي في قَوله تَعالى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) [الكهف: ٥٨] أي: للذّنُوب، وهَذا يَخْتَصّ به أهْل الإيمان دُون الكَفَرَة، بِدَلِيل قَوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) (٣).

وقال في قَوله تَعالى: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) [الفرقان: ٧٠]: لا خِلاف بَيْن العُلَمَاء أنَّ الاسْتِثْنَاء عَامِل في الكَافِر والزَّانِي (٤).

وفي آيَة "الزمر" قال القرطبي: ومِن أجَلّ مَا رُوي فيه مَا رَواه محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن عُمر قال: لَمَّا اجْتَمَعْنا على الْهِجْرة اتَّعَدْتُ أنا وهِشَام بن


(١) قال الزيلعي في "تخريج الأحاديث والآثار الوقعة في تفسير الكشاف" (١/ ٣٦٠): ذكره الثعلبي في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس. قال: نزلت: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) في شيخ من الأعراب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره. وسنده إلى الضحاك أوَّل كتابه.
قال المناوي في الفتح السماوي (٢/ ٢٢٥، ٢٢٦): ذكره الثعلبي من رواية الضحاك عن ابن عباس. قال: نَزَلَتْ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) في شيخ من الأعراب.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٣٦٦، ٣٦٧).
(٣) المرجع السابق (١١/ ١٠).
(٤) المرجع السابق (١٣/ ٦٧).

<<  <   >  >>