للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العاص بن وائل السهمي وعَيَّاش بن أبي ربيعة بن عتبة، فَقُلْنَا: الْمَوعِد أضَاة بنِي غِفار، وقُلْنَا: مَنْ تَأخَّر مِنَّا فَقَد حُبِس فلْيَمْضِ صَاحِبه، فأصْبَحْتُ أنا وعَيَّاش بن عتبة حُبِس عَنَّا هِشام، وإذا به قَدْ فُتِن فافْتَتَن، فَكُنَّا نَقُول بِالْمَدِينَة: هَؤلاء قد عَرَفُوا الله عَزّ وَجَلَّ وآمَنُوا بِرَسُولِه صلى الله عليه وسلم ثم افْتُتِنُوا لِبَلاء لحِقَهم، لا نَرَى لَهُمْ تَوْبَة، وكَانُوا هُمْ أيضًا يَقُولُون هَذا في أنْفُسِهم، فأنْزَل الله عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِه: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) [الزمر: ٥٣] إلى قَوله تَعالى: (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر: ٦٠] قال عُمر: فَكَتَبْتُها بِيَدِي ثم بَعَثْتُها إلى هِشام. قال هِشام: فَلَمَّا قَدِمَتْ عَليّ خَرَجْتُ بِهَا إلى ذِي طُوى، فَقُلْتُ: اللهُم فَهّمْنِيهَا، فَعَرَفْتُ أنّها نَزَلَتْ فِينَا، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ على بَعِيرِي فَلَحِقْتُ بِرَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان قَوْم مِنْ الْمُشْرِكِين قَتَلُوا فأكْثَرُوا، وزَنَوا فأكْثَرُوا، فَقَالُوا للنبي صلى الله عليه وسلم - أو بَعَثُوا إليه - (١): إنَّ مَا تَدْعُو إليه لَحَسَن لَو (٢) تُخْبِرنا أنَّ لَنَا تَوْبَة (٣). فأنْزَل الله عَزَّ وَجَلَّ هَذه الآيَة: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ). ذَكَرَه البُخاري بِمَعْنَاه (٤).

وعن ابن عباس أيضًا: نَزَلَتْ في أهْل مَكَّة، قَالوا: بِزَعْم محمد أنَّ مَنْ عَبد الأوثان وقَتَل النَّفْس التي حَرَّم الله لَم يُغْفَر له، وكيف نُهَاجِر ونُسْلِم وقَد عَبَدْنا مَع الله إِلهًا آخَر، وقَتَلْنَا النَّفْس التي حَرَّم الله؟ فأنْزَل الله هَذه الآيَة (٥).


(١) الذي في الصحيحين: أتَوا محمدًا صلى الله عليه وسلم.
(٢) في طبعة دار الشَّعْب: أو، والمثبت من الصحيح.
(٣) الذي في الصحيحين: أن لما عملنا كفارة.
(٤) رواه البخاري (ح ٤٥٣٢)، ومسلم (ح ١٢٢)، وعندهما زيادة: فنزل: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ) [الفرقان: ٦٨]. وقد أورد القرطبي في هذه الزيادة في تفسير سورة الفرقان (١٣/ ٧٥).
(٥) رواه ابن جرير (٢٤/ ١٤).

<<  <   >  >>