للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُبَيْرِق (١) بِهَذه الآيَة، أي: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا) بأن يَسْرِق (أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) بأن يُشْرِك (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ) يَعْني بالتَّوبة، فإنَّ الاسْتِغْفَار باللسَان مِنْ غير تَوبة لا يَنْفَع. وقد بيناه في آل عمران (٢).

وقال الضحاك: نَزَلَتْ الآية في شَأن وَحْشي قاتِل حمزة؛ أشْرك بالله، وقَتل حمزة، ثم جَاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إني لَنَادِم، فَهَلْ لي مِنْ تَوبة؟ فَنَزَل (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) الآية.

وقِيل: الْمُرَاد بِهَذِه الآيَة العُمُوم والشُّمُول لِجَمِيع الْخَلْق.

ورَوى سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود وعَلقمة قالا: قال عبد الله بن مسعود: مَنْ قَرأ هَاتين الآيَتَين مِنْ سُورة النِّساء ثم اسْتَغْفَر غُفِرَ له: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)، (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا) [النساء: ٦٤].

ورُوي (٣) عن علي رضي الله عنه أنه قال: كُنْت إذا سَمِعْتُ حَدِيثًا مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفَعني الله بِه مَا شَاء، وإذا سَمِعْتُه مِنْ غَيره حَلَّفْته، وحَدَّثني أبو


(١) سبق ذكر قصتهم عند تفسيره للآيات قبلها، وستأتي الإشارة إلى قصتهم لاحقًا في عرض أقوال ابن جرير.
(٢) في تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: ١٣٥]. انظر: (٤/ ٢٠٧).
(٣) تصديره بهذه الصيغة مُشْعِر بضعف الحديث، وتصدير ما صح من الحديث بهذه الصيغة مُنتَقَد لدى أهل الحديث.
قال النووي في المجموع شرح المهذب (١/ ٣١٦): ويُنكَر على المصنف قوله: رُوي بصيغة تمريض في حديث حسن.
والحديث الذي أورده القرطبي رواه أحمد (ح ٤٧) وقال مُحققو المسند: إسناده صحيح. ورواه أبو داود الطيالسي (ح ١)، وأبو داود السجستاني (ح ١٥٢١)، والترمذي (ح ٤٠٦)، والنسائي في الكبرى (ح ١٠٢٥٠)، وابن ماجه (ح ١٣٩٥) دون الآية، والطبري في التفسير (٤/ ٩٦)، وأبو يعلى في المسند (ح ١).

<<  <   >  >>