للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكر - وصَدَق أبو بكر - قال (١): مَا مِنْ عَبد يُذْنِب ذَنْبًا ثم يَتَوضَّأ ويُصَلِّي رَكْعَتَين ويَسْتَغْفِر الله إلَّا غَفَر الله له، ثم تَلا هَذه الآيَة: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا) (٢).

وفي الْمَوْضِع الثَّاني أحَال القُرطبي على تَفْسِير قَوله تَعالى: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) [التوبة: ٨٤].

وفيه قال: رُوي (٣) أنَّ هَذه الآيَة نَزَلَتْ في شَأن عبد الله بن أبي بن سلول وصَلاة النبي صلى الله عليه وسلم عَليه؛ ثَبت ذلك في الصحيحين (٤) وغيرهما، وتَظَاهَرَت الرِّوَايات بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صَلّى عليه، وأنَّ الآية نَزَلَتْ بَعد ذلك.

ورُوي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَقَدَّم لِيُصَلّي عليه جَاءه جِبريل فَجَبَذَ ثَوبه وتَلا عليه: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) الآيَة، فانْصَرَف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُصَلّ عليه (٥).

والرِّوايَات الثَّابِتة على خِلاف هذا؛ ففي البخاري (٦) عن ابن عباس قال: فَصَلَّى عليه (٧) رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انْصَرَف فلم يَمْكُث إلَّا يَسِيرًا حتى نَزَلَت الآيَتان (٨) مِنْ بَراءة: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ


(١) الحديث مرفوع. وجاء التصريح في الروايات المذكورة بأن أبا بكر سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٣٦١).
(٣) سبق أن هذه الصيغة غير مرضية لما صح من الأحاديث. كيف والحديث في الصحيحين؟
(٤) رواه البخاري (ح ٤٣٩٣)، ومسلم (ح ٢٤٠٠).
(٥) رواه أبو يعلى (ح ٤١١٢) وفي إسناده: يزيد الرقاشي، وهو ضعيف كما في التقريب (ترجمة ٧٧٣٣).
قال الهيثمي في المجَمَع (٣/ ٤٢): رواه أبو يعلى، وفيه يزيد الرقاشي، وفيه كلام، وقد وُثّق.
(٦) (ح ١٣٠٠) وهو من حديث عمر رضي الله عنه، وابن عباس رضي الله عنهما يروي الحديث عن عمر.
(٧) أي علي بن أُبيّ.
(٨) في البخاري: إلى (فَاسِقُونَ) وهي آية واحدة وليست آيتان، وفي حديث ابن عمر - الآتي تخريجه -: فأنزل الله: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ).

<<  <   >  >>