للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنهم مِنْ نُصْرَتِه والذَّبّ (١) عنه (٢).

في حين اختصر الكلام في تفسير آية التوبة، واقْتَصَر على ذِكْر إشْكال وجَوابه (٣).

ويَربُط ابنُ عَطية بَيْن الآيَات فَيَقُول: ولَمَّا تَمَكَّن هَذا الوَعِيد (٤)، وقَضَتِ العُقُول بأنْ لا مُجَادِل لله، ولا وَكِيل يَقُوم بأمُور العُصَاة عِنْده، عَقَّب ذلك هَذا الرَّجَاء العَظيم والْمَهَل (٥) الْمُنْفَسِح (٦)، بِقَوله تَعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ) الآية.

وخَتَمَ تفسير آية "النساء" بِقوله: وهذه آيَة وَعْد بِشَرْط الْمَشِيئة عَلى مَا تَقْتَضِيه عَقِيدة أهْل السُّنة (٧)، وفَضْل الله مَرْجُوّ، وهو الْمُسْتَعَان (٨).

في حين بيَّن الرَّازي أنَّ "الْمُرَاد بِالسُّوء: القَبِيح الذي يَسُوء بِه غَيره، كَما فَعَل طُعْمه مِنْ سَرِقَة الدِّرْع، ومِن رَمي اليَهُودي بالسَّرِقَة، والْمُرَاد بِظُلْم النَّفْس مَا يَخْتَصّ بِه الإنْسان، كَالْحَلِف الكَاذِب، وإنّمَا خَصّ مَا يَتَعَدّى إلى الغَير بِاسْمِ السُّوء، لأنَّ ذلك يَكُون في الأكْثر إيصَالًا للضَّرَر إلى الغَير، والضَّرَر سُوء حَاضِر، فأمَّا الذَّنْب الذي يَخُصّ الإنْسَان فذلك في الأكْثر لا يَكُون ضَرَرًا حَاضِرًا، لأنَّ الإنْسَان لا يُوصِل الضَّرَر إلى نَفْسِه.

واعْلَم أن هذه الآية دَالَّة على حُكْمَين:


(١) في المطبوع: "والذنب عنه"، وهو خطأ.
(٢) الكشاف، مرجع سابق (ص ٢٥٩).
(٣) انظر: المرجع السابق (ص ٤٤٣).
(٤) يُشير إلى ما جاء قبل ذلك في الآيات.
(٥) في اللسان (١١/ ٦٣٤): المهَل والتَّمَهُّل: التقدم، وتَمَهَّل في الأمر: تَقدَّم فيه.
(٦) من الاتِّساع. انظر: لسان العرب (٢/ ٥٤٣).
(٧) قال النووي في المنهاج (٢/ ٤٥): أجمع العلماء رضي الله عنهم على قبول التوبة ما لم يُغرغِر.
وقال ابن المنير: قبول التوبة عند المعتزلة واجب على الله تعالى عقلًا، وعندنا واجب بحكم الوعد والتفضل والإحسان. نقله الزرقاني في شرح الموطأ (٢/ ١١٨) وتنظر تتمة كلامه ثم. وينظر لذلك: الفصل في الملل والنحل ابن حزم (٤/ ٥١).
(٨) المحرر الوجيز، مرجع سابق (٢/ ١١١).

<<  <   >  >>