للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأوَّل: أنَّ التَّوبة مَقْبُولَة عن جَمِيع الذُّنُوب، سَواء كَانت كُفْرًا، أوْ قَتْلًا عَمْدًا، أوْ غَصْبًا للأمْوَال؛ لأنَّ قَوله: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) عَمَّ الكُلّ.

الثَّاني: أنَّ ظَاهِر الآيَة يَقْتَضِي أنَّ مُجَرَّد الاسْتِغْفَار كَافٍ، وقال بعضهم: إنه مُقَيَّد بالتَّوبَة، لأنه لا يَنْفَع الاسْتِغْفَار مَع الإصْرَار" (١).

وفي آية "التوبة" بَيَّن الرَّازي "أن اسْتِغْفَار الغَير للغَير لا يَنْفَعُه إذا كان ذلك الغَير مُصِرًّا على القُبْح والْمَعْصِيَة".

كَما بَيَّن أنَّ الْمُرَاد إزَالَة طَمَع الْمُنَافِقِين "في أن يَنْفَعهم اسْتِغْفَار الرَّسول عليه السلام (٢) مع إصْرَارِهم على الكُفْر، ويُؤكّده أيضًا قَوله تَعالى: (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) والْمَعْنَى: أنَّ فِسْقَهم مَانِع مِنْ الْهِدَاية" (٣).

وأطَال ابن كثير في ذِكْر الرِّوَايات الوَارِدَة في سَبَب نُزُول الآيَات مِنْ سُورَة النِّسَاء قَبل قَوله تَعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ)، وفي آيَة "النِّسَاء" المذكورة قال ابن كثير: يُخْبِر تَعَالى عَنْ كَرَمِه وجُودِه أنّ كُل مَنْ تَاب إليه تَاب عليه مِنْ أيِّ ذَنْب كَان (٤).

وبَيَّن أنَّ آيَة "التوبة" إخْبَار مِنْ الله تعالى لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم بأنَّ هَؤلاء الْمُنَافِقِين لَيْسُوا أهْلًا للاسْتِغْفَار، وأنه لو اسْتَغْفَر لهم سَبْعِين مَرَّة فلن يَغْفِر الله لهم (٥).


(١) التفسير الكبير، مرجع سابق (١١/ ٣٠).
(٢) كَرِه العلماء الاقتصار على السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الصلاة عليه؛ لأن الله تعالى قال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: ٥٦]. قال النووي: وينبغي أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. [بواسطة: تدريب الراوي ٢/ ٧٤].
وينظر لذلك: التقييد والإيضاح، العراقي (ص ١٩٥، ١٩٦)، وفتح المغيث، السخاوي (٢/ ١٨٤).
(٣) التفسير الكبير، مرجع سابق (١٦/ ١١٧).
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٤/ ٢٦٦ - ٢٦٩).
(٥) انظر: المرجع السابق (٧/ ٢٥١ - ٢٦١).

<<  <   >  >>