للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واخْتَصَر القَول في آيَة "يونس" حيث قال: يَقول: يا محمد لا يَحْزُنك تَكْذِيبهم، (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) يَعني: بأنَّ النِّعْمَة والقُدْرَة لله تعالى، وجَميع مَنْ يَتَعَزَّز إنّمَا هو بإذْن الله تعالى (١).

وكذلك في آية "فاطر" فإنه قال: يَعني: مَنْ طَلَب العِزَّة بِعِبَادَة الأوْثَان فلْيَتَعَزّز بِطَاعَة الله عَزَّ وَجَلَّ، (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).

يقول: مَنْ يَتَعَزّز بإذْن الله.

ويُقَال: مَعْنَاه: مَنْ كَان يُرِيد أن يَعْلَم لِمَنْ تَكُون العِزَّة فلْيَعْلَم بأنَّ (الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).

ويُقَال: مَنْ كَان يَطْلُب لِنَفْسِه العِزَّة (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) (٢).

وفي آيَة "المنافقون" قال: قَال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) حَيث قَوَّاهم الله تَعالى ونَصَرهم، أي: القُدْرَة والْمَنَعَة لله.

(وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) يَعْنِي: لا يُصَدِّقُون في السِّرّ.

ويُقَال: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ) يَعْنِي القُدْرَة. ويُقَال: نَفَاذ الأمْر. (وَلِرَسُولِهِ) وهو عِزَّة النُّبُوَّة والرِّسَالَة، (وَلِلْمُؤْمِنِينَ) وهو عِزّ الإيمان والإسْلام، أعَزَّهم الله في الدّنيا والآخِرة (٣).

وقال السَّمعاني في آيَة "النساء": (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ) يَعْنِي: أيَطْلُبُون عِنْدَهم القُوَّة والغَلَبَة (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) أي: القُوَّة والْغَلَبَة كُلّها لله تَعالى.

ثم أوْرَد إشْكَالًا وجَوَابه، فَقال: فإنْ قَال قَائل: قَدْ نَرى في بَعْض الأحْوَال الغَلَبَة للكُفَّار، فَمَا مَعْنَى قَوله: (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)؟

قيل: مَعْناه: أنَّ الْمُقَوِّي هو الله تَعالى في الأحْوال كُلّها.


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (٢/ ١٢٤).
(٢) المرجع السابق (٣/ ٩٥).
(٣) المرجع السابق (٣/ ٤٣٠).

<<  <   >  >>