للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(كَلَّا) [مريم: ٨٢] وَرَدّ الله عَليهم: مَنْ أرَاد أن يَعْلَم لِمَنْ العِزَّة الْحَقِيقِيَّة فآيَة (١) العِزَّة لله، ومَن أرَاد أن يَكُون في الدَّارَين عَزِيزًا فلْيُطِع الله (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) (٢).

وبيّن مَعْنى العِزَّة الْمَذْكُورة في سُورة المنافقون، فقال: فَعِزَّة الله سُبحانه قَهْرُ مَنْ دُونه، وعِزّ رَسوله إظْهار دِينِه على الأدْيان كُلّها، وعِزّ الْمُؤمِنِين نَصْرُه إيَّاهم على أعْدَائهم، فهم ظَاهِرُون.

وقيل: عِزَّة الله الولايَة، قَال الله تَعالى: (هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) [الكهف: ٤٤]، وعِزَّة الرَّسول الكِفَاية، قَال الله سُبحانه: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: ٩٥]، وعِزّ الْمُؤمِنِين الرِّفْعة والرِّعاية، قال: (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: ١٣٩]، وقال: (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) [الأحزاب: ٤٣] (٣).

وقيل: عِزَّة الله الرُّبُوبِيَّة، وعِزَّة الرَّسول النُّبُوَّة، وعِزَّة الْمُؤمِنِين العُبُودِيَّة.

وكان جَعْفَر الصَّادِق يَقُول: مَنْ مِثْلي ورَبّ العَرْش مَعْبُودِي؟ مَنْ مِثْلي وأَنْتَ لي؟

وقِيل: عزَّة الله خَمْسَة: عِزّ الْمُلْك والبَقَاء، وعِزّ العَظَمَة والكِبْرِياء، وعِزَّة البَذْل والعَطَاء، وعِزّ الرِّفْعَة والغَنَاء (٤)، وعِزَ الْجَلال والبَهَاء.

وعِزّ الرَّسُول خَمْسَة: عِزّ السَّبْق والابْتِدَاء، وعِزّ الأذَان والنِّدَاء، وعِزّ قَدَم الصِّدْق على الأنْبِيَاء، وعِزّ الاخْتِيَار والاصْطِفَاء، وعِزّ الظُّهُور على الأعْدَاء.


(١) هكذا في المطبوع، ولعل الصواب "فإن".
(٢) الكشف والبيان، مرجع سابق (٨/ ١٠٠).
(٣) كُتبتْ هذه الآية في المطبوع (وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما) وهو خطأ ظاهر شنيع.
(٤) قال ابن منظور في لسان العرب (١٥/ ١٣٨): والغَنَاء بالفتح: النفع. والغَناء بفتح الغين ممدود: الإجزاء والكفاية. يُقال: رجل مُغْن، أي: مُجْزئ كافٍ. قال ابن بَرّي: الغَناء مصدر أغْنَى عنك، أي: كفاك.

<<  <   >  >>