للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوْدَعُوا عِنْدَكُم شَهَادَة، فَبِمَ تَشْهَدُون؟ فَيَقُولُون: رَبَّنَا نَشْهَد أنّهم قَدْ بَلَّغُوا. كَمَا شَهِدُوا في الدُّنيا بِالتَّبْلِيغ. فَيُقَال: مَنْ يَشْهَد على ذَلك؟ فَيَقُولُون: محمد صلى الله عليه وسلم. فَيُدْعَى محمد صلى الله عليه وسلم فَيَشْهَد أنَّ أمَّته قَدْ صَدَقُوا، وأنَّ الرُّسُل قد بَلَّغُوا. هكذا رَواه عن السّديّ.

وروى بإسناده إلى عكرمة في قوله: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [البروج: ٣] قال: الشَّاهِد مُحَمَّد.

ورَوى مَا جَاء في قِرَاءة ابن مَسعود وسَمَاع النبي صلى الله عليه وسلم، وزاد: قال المسعودي: فَحَدّثَنِي جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: شَهِيدًا عَليهم مَا دُمْتُ فِيهم، فإذا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرَّقِيب عَليهم، وأنْت عَلى كُلّ شَيء شَهِيد (١).

واكْتَفَى في تَفْسِير آيَة "النحل" بِقَوله: يَقول تَعالى ذِكْرُه: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)، يَقُول: نَسْأل نَبِيَّهم الذي بَعَثْنَاه إليهم للدُّعَاء إلى طَاعَتِنا.

وقال: (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) لأنه تَعالى ذِكْرُه كَان يَبْعَث إلى أُمَمٍ أنْبِيَاءها منها. مَاذا أجَابُوكم ومَا رَدُّوا عَليكم؟ (وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) يَقُول لِنَبِيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: وَجِئْنا بِك يَا محمد شَاهِدًا على قَومك وأمَّتك الذين أرْسَلْتُك إلَيهم بِمَ أجَابُوك؟ ومَاذا عَمِلُوا فِيمَا أرْسَلْتُك بِه إلَيهم؟ (٢)

وأزَال مَا يُتوهَّم مِنْ تَعَارُض بَيْن آيَة "المائدة" وآيتي "النساء" و"النحل"، فَقَال: قَوله: (مَاذَا أُجِبْتُمْ) يَعْنِي بِه: مَا الذي أجَابَتْكُم بِه أُمَمكم حِين دَعَوْتُمُوهم إلى تَوحِيدِي والإقْرَار بي والعَمَل بِطَاعَتِي والانْتِهَاء عَنْ مَعْصِيَتِي؟ (قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا).


(١) انظر: جامع البيان، مرجع سابق (٧/ ٣٨ - ٤٠).
(٢) جامع البيان، مرجع سابق (١٤/ ٣٣٣).

<<  <   >  >>