للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبِتَعْرِيف آخَر: "هو مَنْ لَقِي النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُؤمِنًا به ومَات على الإسْلام، ولو تَخلّلَتْ رِدَّة في الأصَحّ" (١).

الثَّالث: أنَّ ذلك في عُمُوم الأُمَّة، ليس خَاصًّا بالصَّحَابة، ويَدُلّ على هَذا مَا جَاء في رِواية للبُخَاري (٢): أنا على حَوْضِي أنْتَظِر مَنْ يَرِدّ عَليّ، فيُؤخَذ بِنَاسٍ مِنْ دُوني فأقُول: أُمَّتي، فَيَقُول: لا تَدْرِي، مَشَوا على القَهْقَرى. قال ابن أبي مليكة: اللهم إنا نَعُوذ بِك أن نَرْجِع على أعْقَابِنا أو نُفْتَن.

فابْنُ أبي مُليكة فَهِم عُمُوم النَّصّ، وعَدم اخْتِصَاصِه بِالصَّحَابة؛ فاسْتَعاذ بالله مِنْ الرُّجُوع على الأعْقَاب.

الرَّابِع: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يَعرِف أصْحَابه قَبل غَيرهم مِنْ أتْبَاعِه، ويَدُلّ عليه مَا في حَدِيث حُذيفة قَوله صلى الله عليه وسلم: إنّ حَوضي لأبْعَد مِنْ أيْلة مِنْ عَدن، والذي نَفْسِي بِيَدِه إني لأذُود عنه الرِّجَال كَمَا يَذود الرَّجُل الإِبل الغَرِيبَة عن حَوْضِه. قَالوا: يَا رَسُول الله وتَعْرِفُنا؟ قال: نَعم، تَرِدُون عَليّ غُرًّا مُحَجّلِين مِنْ آثَار الوُضُوء، لَيْسَت لأحَدٍ غَيركم (٣).

الخامس: أنَّ فَضَائل الصَّحَابة أكْثَر مِنْ أن تُعَدّ، وأشْهَر مِنْ أن تُحْصَر، فلا تُهْدَر فَضَائلهم، ولا مَا في النُّصوص الْمُحْكَمَة بِمثل هَذا الاحْتِمَال.

السادس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن سَبّ أصْحَابه، ولو عَلِم أنّهم يَمُوتُون على الرِّدَّة لَمَا نَهَى عن ذلك. والصَّحَابة قد زَكَّاهُم اللهُ ورَسُولُه صلى الله عليه وسلم.

السَّابِع: أنَّ الطَّعْن في الصَّحَابة هو في حَقِيقَتِه طَعْنٌ في الدِّين.

قال أبو زُرْعَة: إذا رَأيت الرَّجُل يَنْتَقِص أحَدًا مِنْ أصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاعْلَم أنه زِنْدِيق، وذلك أنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عِنْدَنا حَقّ،


(١) نُزهة النظر، ابن حجر (مع النُّكَت، الحلبي) (ص ١٤٩).
(٢) من حديث أسماء (ح ٦٦٤١).
(٣) رواه مسلم (ح ٢٤٨).

<<  <   >  >>