للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - اللَّمَّة والزَّلَّة مِنْ الشَّيْطَان.

"وهَذان التَّأويلان مُتَقَارِبا الْمَعْنَى؛ لأنَّ الغَضَب مِنْ اسْتِزْلال الشَّيْطَان، واللَّمَّة مِنْ الْخَطِيئة أيضًا مِنه، وكُلّ ذلك مِنْ طَائف الشَّيْطَان" (١).

٣ - عُموم الْمَعْنَى، وهو "إذا عَرَض لَهم عَارِض مِنْ أسْبَاب الشَّيْطَان - مَا كَان ذلك العَارِض - تَذَكَّرُوا أمْر الله، وانْتَهَوا إلى أمْرِه"، فَعَلى هذا يَكُون الْمَعْنَى عند ابن جَرير: "إذا أَلَمَّ بِهم طَيْف مِنْ الشَّيْطان مِنْ غَضَب أوْ غَيره، مما يَصُدّ عن وَاجِبِ حَقَّ الله عَليهم، تَذَكَّرُوا عِقَاب الله وثَوَابَه، ووَعْدَه ووَعِيده، وأبْصَرُوا الْحَقّ فَعَمِلُوا به، وانْتَهَوا إلى طَاعَةِ الله فِيمَا فَرَض عَليهم، وتَرَكُوا فيه طَاعَة الشَّيْطَان" (٢).

"وأمَّا قَوله: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فَإنه يَعْنِي بِذلك أنَّ الشَّيْطَان لَيْسَت لَه حُجَّة على الذِين آمَنُوا بِالله ورَسُولِه، وعَمِلُوا بِمَا أمَرَ الله به، وانْتَهَوا عَمَّا نَهَاهم الله عَنه.

(وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) يَقُول: وعلى رَبّهم يَتَوَكَّلُون فِيمَا نَابَهُم مِنْ مُهِمَّات أمُورِهم.

(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) يَقُول: إنّمَا حُجَّته على الذِين يَعْبُدُونَه (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) يَقُول: والذِين هُمْ بِالله مُشْرِكُون" (٣).

ثم ذَكَر الاخْتِلاف "في الْمَعْنَى الذي مِنْ أجْلِه لم يُسَلَّط فيه الشَّيْطَان على الْمُؤمِن"، وخُلاصَة القَول عِنْدَه، "وأوْلى الأقْوَال في ذلك بالصَّواب قَول مَنْ قَال: مَعْنَاه: إنه لَيس لَه سُلْطَان على الذين آمَنُوا، فاسْتَعَاذُوا بِالله مِنه بِمَا نَدَب الله تَعالى ذِكْرُه مِنْ الاسْتِعَاذَة، وعَلى رَبّهِم يَتَوَكَّلُون عَلى مَا عَرَض لهم مِنْ خَطَرَاته ووسَاوسِه" (٤).


(١) جامع البيان، مرجع سابق (١٠/ ٦٤٨ - ٦٥٠).
(٢) المرجع السابق (١٠/ ٦٤٦، ٦٤٧).
(٣) المرجع السابق (١٤/ ٣٥٧، ٣٥٨).
(٤) المرجع السابق (١٤/ ٣٥٩، ٣٦٠).

<<  <   >  >>