للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في تَفسير آيَة "الإسراء": يَقُول تَعالى ذِكْرُه لإبْلِيس: إنَّ عِبَادِي الذين أطَاعُوني فاتَّبَعُوا أمْرِي وعَصَوك يَا إبْلِيس لَيس لَك عَليهم حُجَّة.

ورَوَى عن قَتادة في تَأويل قَوله تَعالى: (إِنَّ عِبَادِي): وعِبَادُه الْمُؤمِنون (١).

والْمَعَاني مُتَقَارِبة عند ابن جرير، فَقَد قَال في تَفْسِير آية "الْحِجْر": يَقُول تَعالى ذِكْرُه: إنَّ عِبَادِي ليس لك عليهم حُجَّة إلّا مَنْ اتَّبَعَك عَلى مَا دَعَوتَه إليه مِنْ الضَّلالَة، مِمَّنْ غَوى وهَلَك (٢).

وفي آيَة "سبأ" قال: يَقُول تَعالى ذِكْرُه: ومَا كَان لإبْلِيس على هَؤلاء القَوم الذين وَصَف جَلَّ ثَناؤُه صِفتَهم مِنْ حُجَّة يُضِلُّهم بِها إلَّا بِتَسْلِيطِنَاه عَليهم، لِنَعْلَم حِزْبَنَا وأَوْلِيَاءَنا (٣).

وفسّر السمرقندي آيَة "الحجر" بِآية "النحل"، فَقال: قَوله عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّ عِبَادِي) أي: عِبَادِي الذين لا يُطِيعُونَك (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) أي: حُجَّة ولا مُلْكًا، ولا أُسَلِّطُك عَليهم، كَقَوله: (لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا).

ثم قَال تَعالى: (إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) أي: مَنْ أطَاعَك مِنْ الكَافِرِين، ويُقَال: مَعْنَاه إنّمَا نَفَاذ دَعْوتِك ووَسْوَسَتِك لِمَنْ اتَّبَعك مِنْ الْمُشْرِكِين (٤).

وبيَّن في تفسير آية "النحل" الْمُرَاد بِتَسْلِيط الشَّيْطَان وتَوَلِّيه، فَقَال: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ) يُقال: لَيس له غَلَبَة ولا حُجَّة. ويُقَال: ليس له نَفَاذ الأمْر (عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أي: صَدَّقُوا بِتَوحِيد الله تَعالى (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) أي: يَثِقُون بِه، ولا يَثِقُون بِغَيره.


(١) جامع البيان، مرجع سابق (١٤/ ٦٦٦).
(٢) المرجع السابق (١٤/ ٧١).
(٣) المرجع السابق (١٩، ٢٧٠، ٢٧١).
(٤) بحر العلوم، مرجع سابق (٢/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>