للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قريش تَصِل أرْحَامها، فَلَمَّا بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم قَطَعَتْه، فَقَال: صِلُوني كَمَا كُنْتُم تَفْعَلُون (١). فَالْمَعْنَى عَلى هَذا: قُلْ لا أسْألُكُم عَليه أجْرًا لكِن أُذَكِّرُكُم قَرَابَتي.

على اسْتِثْنَاء لَيس مِنْ الأوَّل. ذَكَرَه النَّحَّاس.

وفي البُخاري (٢) عن طاوس عن ابن عباس أنه سُئل عن قَوله تَعالى: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) فَقَال سَعيد بن جبير: قُرْبى آل محمد، فقال ابن عباس: عَجِلْتَ! إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يَكن بَطْن مِنْ قُرَيش إلَّا كَان لَه فِيهم قَرَابَة، فَقَال: إلَّا أنْ تَصِلُوا مَا بَيْنَكُم مِنْ القَرَابَة. فهذا قَوْل.

وقِيل: القُرْبى: قَرَابَة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: لا أسْألُكُم أجْرًا إلَّا أنْ تَوَدُّوا قَرَابَتِي وأهْل بَيْتِي، كَمَا أمَر بإعْظَامِهم (٣) ذَوي القُرْبى.

وروى منصور وعوف عن الحسن (٤): (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) قَال: يَتَوَدَّدُون إلى الله عَزَّ وَجَلَّ ويَتَقَرَّبون مِنه بِطَاعَتِه.

ونَقَل القرطبي عن النحاس قَوله: وقَوْل الْحَسَن حَسَن.

ثم ذَكَر مَا قِيل في نَسْخ الآيَة، وأتْبَعه بِقَوْل الثعلبي عَنْه: ولَيس بالقوي، وكَفَى قُبْحًا بِقَوْل مَنْ يَقُول إنَّ التَّقَرُّب إلى الله بِطَاعَتِه ومَوَدَّة نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم وأهْل بَيْتِه مَنْسُوخ (٥).

وحَكَى الْخِلاف في سَبَب نُزُول الآيَة، وذَكَر قَوْلًا في كَوْنِها نَزَلَتْ في الْمَدِينَة (٦).


(١) ذكره النحاس في "معاني القرآن" (٦/ ٣٠٨).
(٢) (ح ٤٥٤١)، وفي (ح ٣٣٠٦) التصريح بنزول الآية بسبب ذلك.
(٣) هكذا في المطبوع، ولعل الصواب: كما أمر بإعظام ذوي القربى، أو يكون المعنى: كما أمر بتعظيمهم لذوي القربى.
(٤) وعنه قول آخر، رواه ابن جرير (٢٠/ ٥٠٠).
(٥) هذا القول ضعفه السمعاني - على ما سيأتي - وقال ابن حجر (الفتح ٨/ ٥٦٤): وزعم بعضهم أن هذه الآية منسوخة، ورده الثعلبي بأن الآية دالة على الأمر بالتودد إلى الله بطاعته، أو باتباع نبيه، أو صلة رحمه بترك أذيته، أو صلة أقاربه من أجله، وكل ذلك مستمر الحكم غير منسوخ.
(٦) قال ابن كثير (١٢/ ٢٧٠) بعد سياق رواية ابن جرير في نزول الآية في المدينة: وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين عن عبد المؤمن بن علي عن عبد السلام عن يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، بإسناده مثله، أو قريبًا منه، وفي الصحيحين في قسم غنائم حنين قريب من هذا السياق، ولكن ليس فيه ذكر نزول هذه الآية، وذكر نزولها في المدينة فيه نظر، لأن السورة مكية، وليس يظهر بين هذه الآية وهذا السياق مناسبة، والله أعلم.
وقال ابن حجر (الفتح ٨/ ٥٦٤): وهذا أيضًا ضعيف، ويبطله أن الآية مكية.
والحديث مُخرّج في الصحيحين (البخاري ح ٤٠٧٥، ومسلم ح ١٠٦١) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم في قصة قسمة غنائم حُنين دون ذكر سبب النزول.

<<  <   >  >>