للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيَتَّخِذ عِنْد رَبِّه مَرْجِعًا صَالِحًا، فَيَدْخُل بِه الْجَنَّة، يَعْنِي: لا أُرِيد الأجْر، ولكن أُرِيد لَكُمْ هَذا الذي ذُكِر، وقَصْدِي هَذا لا أن آخُذ مِنْكُم شَيئًا (١).

وقال في آيَة "الشورى": (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) يَعْنِي: قُلْ يا محمد لأهْل مَكَّة: (لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) على مَا جِئْتُكُم بِه أجْرًا. (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) قَال مُقاتل: يَعني: إلَّا أن تَصِلُوا قَرَابَتِي، وتَكُفُّوا عَنِّي الأذَى، ثم نُسِخ (٢) بِقَولِه: (قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) [سبأ: ٤٧]. ويُقَال: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) يَعْنِي: إلَّا ألَّا تُؤذُونَنِي بِقَرَابَتِي مِنْكُم.

قال ابن عباس: ليس حَيّ مِنْ أحْيَاء العَرَب إلَّا وللنبي صلى الله عليه وسلم فِيه قَرَابَة (٣).

وقال الْحَسَن: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) يَعْنِي: إلَّا أن تَتَوَدَّدُوا إلى الله تَعالى بِمَا يُقَرِّبُكم مِنه. وهكذا قال مُجاهد.

وقال سعيد بن جبير: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُربَى) يَعْنِي: إلَّا أنْ تَصِلُوا قَرَابَة مَا بَيْنِي وبَيْنَكم (٤).

وقَال في آيَة "الطور": (أَمْ تَسْأَلُهُمْ) يَعْنِي: أتَطْلُب مِنهم (أَجْرًا) بما تُعَلِّمُهم مِنْ الأحْكَام والشَّرَائع. (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) يَعْنِي: مِنْ أجْل الْمَغْرَم يَمْتَنِعُون عَنْ الإيمان. يَعْنِي: لا حُجَّة لَهم في الامْتِنَاع، لأنك لا تَسْأل مِنهم أجْرًا، فَيَثْقُل عَليهم لأجْل الأجْر (٥).


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (٢/ ٥٤٢).
(٢) ضعف السمعاني والثعلبي وغير واحد القول بالنسخ، كما تقدم، وسيأتي في كلام السمعاني، ولعل من قال بالنسخ يرى أن المنسوخ هو الموادعة، كما سيأتي في منقول ابن عطية.
(٣) رواه البخاري. وقد تقدم.
(٤) بحر العلوم، مرجع سابق (٣/ ٢٣٠).
(٥) المرجع السابق (٣/ ٣٣٧).

<<  <   >  >>