للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّأويل في هَذه الآيَة لا يَجُوز أن يَكُون واحِد منها مَنْسُوخًا، وكَفَى قُبْحًا (١) بِقَول مَنْ زَعَم إنَّ التَّقَرُّب إلى الله تعالى بِطَاعَته ومَوَدَّة نَبِيِّه وأهْل بَيْتِه مَنْسُوخ (٢).

وقال في آيَة "الطور": (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا) جُعْلًا على مَا جِئْتَهم بِه، ودَعَوتَهم إليه، (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ) غُرْم (مُثْقَلُونَ) مَجْهُودُون (٣). ولم يُفسِّر آَية "القلم" (٤).

ولم يَتطرّق الزمخشري إلى تَفسير آيَة "الأنعام".

ولآيَة "سبأ" عِنده مَعْنَيَان، وفيها جَزَاء الشَّرْط، حيث قَال: (فَهُوَ لَكُمْ) جَزَاء الشَّرْط الذي هو قَوله: (مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) تَقْدِيره: أيّ شَيء سَألْتُكم مِنْ أجْرٍ فَهو لَكم، كَقَوله تَعالى: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) [فاطر: ٢] وفِيه مَعْنَيَان:

أحدهما: نَفْي مَسْألة الأجْر رَأسًا، كَمَا يَقُول الرَّجُل لِصَاحِبه: إن أعْطَيْتَنِي شَيئًا فَخُذْه، وهو يَعْلَم أنه لم يُعطِه شَيئًا، ولكنه يُرِيد بِه البتّ؛ لِتَعْلِيقِه الأخْذ بِمَا لَم يَكُنْ.

والثاني: أنْ يُرِيد بِالأجْر مَا أرَاد في قَوله تَعالى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) [الفرقان: ٥٧] وفي قَوله: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) [الشورى: ٢٣]؛ لأنَّ اتِّخَاذ السَّبِيل إلى الله نَصِيبهم ومَا فيه نَفْعهم، وكَذلك الْمَوَدَّة في القَرَابة، لأنَّ القَرَابة قد انْتَظَمَتْه وإيَّاهم (٥).

واقْتَصَر في تَفسير آية "ص" على قَوله: (مِنْ أَجْرٍ) الضَّمير للقُرْآن أوْ للوَحْي (٦).


(١) في المطبوع: فتحا، وهو خطأ ظاهر.
(٢) الكشف والبيان، مرجع سابق (٨/ ٣١٠ - ٣١٤).
(٣) المرجع السابق (٩/ ١٣٢).
(٤) المرجع السابق (١٠/ ٢٣)، وأشرْتُ سابقًا إلى أن طبعة دار إحياء التراث العربي سيئة، فيحتمل السقط.
(٥) الكشاف، مرجع سابق (ص ٨٧٧، ٨٧٨).
(٦) المرجع السابق (ص ٩٣٢).

<<  <   >  >>