للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجَوَّز الزمخشري الوَجْهَين في الاسْتِثْنَاء في آيَة "الشورى"، إذْ يَقُول: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) يَجوز أن يَكون اسْتِثْنَاء مُتَّصِلًا … ويَجُوز أن يَكون مُنْقَطِعًا.

ثم أوْرَد هُنا سُؤالًا قَال فيه: فإن قُلت: هَلّا قِيل: إلَّا مَوَدَّة القُرْبَى، أوْ إلَّا الْمَوَدَّة للقُرْبى؟ (١) ومَا مَعْنَى قَوله: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)؟

وأجَاب عنه بِقَولِه: قلت: جُعِلُوا مَكَانًا للمَوَدَّة، ومَقَرًّا لَها … ولَيْسَت (فِي) بِصِلَةٍ للمَوَدَّة كَـ (اللام)، إذا قُلْت: إلَّا الْمَوَدَّة للقُرْبَى، إنّمَا هي مُتَعَلِّقَة بِمَحْذُوف تَعَلّق الظَّرْف به … وتقديره: إلَّا الْمَوَدَّة ثَابِتَة في القُرْبَى ومُتَمَكِّنَة فِيها. والقُرْبى مَصْدَر كالزُّلْفَى والبُشْرَى، بِمَعْنَى: قَرَابَة، والْمُرَاد في أهْل القُرْبَى.

وأطال في ذِكْر أحاديث في القُرْبى ورِوَايَات في أسْبَاب النُّزول لا يَصِحّ مِنها شَيء، وقد تَقَدَّم بَيَان حَالِها (٢).

وبيَّن في آيَة "الطور" مَعْنَى الْمَغْرَم، وهو أن يَلْتَزِم الإنْسَان مَا لَيْس عَليه (٣).

وبِنَحْوه قَال في آيَة سُورة القَلم (٤).

وقال ابنُ عطية تَفْسِير آيَة "الأنعام": وقَوله تَعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ) الآيَة، الْمَعْنَى: قُلْ يا محمد لِهَؤلاء الكَفَرَة الْمُعَانِدِين: لا أسْألُكم على دُعَائي إيّاكُم بِالقُرْآن إلى عِبَادَة الله وتَوْحِيدِه أسْتَكْثِر بِها، وأخْتَصّ بِدُنْياها (إِنْ) القُرْآن (إِلَّا) مَوْعِظَة وذِكْرَى ودُعَاء لِجَمِيع العَالَمِين (٥).


(١) تقدم النقل عن ابن جرير، وترجيحه في ذلك، وهو خلاف ما يرجحه الزمخشري هنا.
(٢) انظر: الكشاف، مرجع سابق ص (٩٧٧، ٩٧٨).
(٣) المرجع السابق (ص ١٠٥٨).
(٤) المرجع السابق (ص ١١٣٣).
(٥) المحرر الوجيز، مرجع سابق (٢/ ٣٢٠).

<<  <   >  >>