للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّوْحِيد الذِين يُخْرِجُهم الله مِنْ النَّار. قال ابن عباس: ومَا شَاء رَبُّك أن يُخْرِج أهْل التَّوحِيد مِنها. وقَال في قَوله في وَصْف السُّعَداء: إلَّا مَا شَاء رَبُّك أن يُخَلِّدَهم في الجنة.

وقال قتادة في هَذه الآيَة: الله أعْلَم بِهَا، وذُكِر لَنا أنَّ مَا أقُوله: سَيُصِيبهم سَفْع مِنْ النَّار بِذُنُوب اقْتَرَفُوها ثم يُخْرِجُهم الله مِنها. وعلى هذا القَول يَكُون اسْتِثْنَاء مِنْ غَيْر جِنْسِه، لأنَّ الأشْقِيَاء في الْحَقِيقَة هُمْ الكَافِرُون، والسُّعَدَاء في الْحَقِيقَة هُمْ الْمُؤمِنُون (١).

ونَقَل عن ابنِ مَسعود قَوله: خَالِدِين فِيها مَا دَامَتِ السَّمَاوَات والأرْض لا يَمُوتُون فِيها ولا يُخْرَجُون مِنْها إلَّا مَا شَاء رَبُّك، وهو أن يَأمُر النَّار أن تَأكُلَهم وتُفْنِيهم، ثُمّ يُجَدِّد خَلْقَهم (٢).

ونَقَل عن الزجاج قَوله: في هَذه الآيَة أرْبَعَة أقْوَال، قَوْلان مِنْها لأهْل اللغة، وقَوْلان لأهْل الْمَعَاني (٣).

واكْتَفَى بِمَا أوْرَدَه فِيمَا سَبَق عن إيرَادِه في تَفْسِير آيَة "الأحزاب"، وكذلك في تَفْسِير آيَة "الجن".

وأوْرَد الزمخشري قَولًا آخَر في مَعْنَى الاسْتِثْنَاء الوَارِد في آيَة "الأنعام"، وهو الانْتِقَال من حَال إلى حَال، ومن عَذَاب إلى عَذَاب في النَّار، فَقَال: (خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) أي: يَخْلُدُون في عَذَاب النَّار الأبَد كُلّه (إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) إلَّا الأوْقَات التي يُنْقَلُون فِيها مِنْ عَذَاب النَّار إلى عَذَاب الزَّمْهَرِير، فَقَد رُوي أنّهم يَدْخُلُون وَادِيًا فِيه مِنْ الزَّمْهَرِير مَا يُمَيِّز بَعْض أوْصَالِهم مِنْ بَعْض، فَيَتَعَاوَون ويَطْلُبُون الرَّدَّ إلى الْجَحِيم .... (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ) لا يَفْعَل شَيئًا إِلَّا بِمُوجِب الْحِكْمَة. (عَلِيمٌ) بأنَّ الكُفَّار يَسْتَوْجِبُون عَذَاب الأبَد (٤).


(١) الكشف والبيان، مرجع سابق (٥/ ١٨٩).
(٢) المرجع السابق (٥/ ١٨٩).
(٣) المرجع السابق (٥/ ١٨٩).
(٤) الكشاف، مرجع سابق ص (٣٤٥، ٣٤٦).

<<  <   >  >>