للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأوَّل: أنَّ القِيَامَة مَوَاطِن لِطُول ذَلك اليَوم، فيُسْأل في بَعْضِها، ولا يُسْأل في بَعْضِها.

الثَّاني: أنَّ السُّؤَال قَبْل الْخَتْم على الْجَوَارِح، كَمَا جَاءت بِذلك الأحَادِيث.

الثَّالث: احْتِمَال أن يُرَاد بـ (وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) سُؤَال تَقْرِير تَلِيه الْمَغْفِرة؛ لأنَّ ذَلك مِنْ شَأن الْمُؤمِن، كَمَا جَاءت بِذَلك الأحَادِيث.

روى البخاري (١) ومسلم (٢) من طريق صَفوان بن محرز المازني قال: بَيْنَمَا أنا أمْشِي مَع ابن عمر رضي الله عنهما آخِذ بِيَدِه إذْ عَرَض رَجُل فَقَال: كَيف سَمِعْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجْوى؟ فَقَال: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إنَّ الله يُدْنِي الْمُؤمِن فَيضَع عَليه كَنَفَه ويَسْتُرُه فَيَقُول: أتَعْرِف ذَنْب كَذا؟ أتَعْرِف ذَنْب كَذا؟ فَيَقُول: نَعم، أيْ رَبّ، حَتى إذا قَرَّرَه بِذُنُوبِه ورَأى في نَفْسِه أنَّه هَلَك قَال: سَتَرْتُها عَليك في الدُّنيا وأنَا أغْفِرُها لَك اليَوْم، فيُعْطَى كِتَاب حَسَنَاتِه، وأمَّا الكَافِر والْمُنَافِق فَيَقُول الأشْهَاد: هَؤلاء الذِين كَذَبُوا على رَبِّهم ألَا لَعْنَة الله على الظَّالِمِين.

ورَوى مسلم (٣) مِنْ حَدِيث أبي ذَرّ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعْلم آخِر أهْل الْجَنَّة دُخُولًا الْجَنَّة، وآخِر أهْل النَّار خُرُوجًا مِنها؛ رَجُل يُؤتَى بِه يَوْم القِيَامَة فَيُقَال: اعْرِضُوا عَليه صِغَار ذُنُوبِه وارْفَعُوا عَنه كِبَارَهَا، فتُعْرَض عليه صِغَار ذُنُوبِه فَيُقَال: نَعَم، لا يَسْتَطِيع أن يُنْكِر، وهو مُشْفِق مِنْ كِبَار ذُنُوبِه أنْ تُعْرَض عَليه، فَيُقَال لَه: فإنَّ لك مَكَان كُلّ سَيِّئَة حَسَنَة، فَيَقُول: رَبّ قد عَمِلْتُ أشْيَاء لا أَرَاهَا هَهنا! فَلَقَد رَأيتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ضَحِك حَتى بَدَتْ نَواجِذُه.


(١) (ح ٢٣٠٩).
(٢) (ح ٢٧٦٨).
(٣) (ح ١٩٠)، ويُنظر حديث جابر في ورود الناس يوم القيامة. صحيح مسلم (ح ١٩١).

<<  <   >  >>