للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُرِيد الْجِنّ والإنْس دُون غيرهما؛ لأنَّهُما مُكَلَّفَان بالعَقْل. وقال ابن جرير (١) والأخفش والحسين بن الفضل: أراد بالدَّابة هنا النَّاس وَحْدَهم دُون غَيرهم.

قلت: والأوَّل أظْهر؛ لأنه عَنْ صَحابي كَبير. قال ابن مسعود: كَاد الْجُعَل أن يُعَذَّب في جُحْرِه بِذنْب ابنِ آدَم (٢).

وقال يحيى بن أبي كثير: أمَرَ رَجُل بِالْمَعْرُوف ونَهَى عن الْمُنْكَر. فَقَال له رَجُل: عليك بِنَفْسِك، فإنَّ الظَّالِم لا يَضُرّ إلَّا نَفْسَه. فقال أبو هريرة: كَذَبْت والله الذي لا إله إلا هو، ثم قال: والذي نفسي بِيَدِه إنَّ الْحُبَارَى لَتَمُوت هَزْلًا (٣) في وَكْرِها بِظُلْم الظَّالِم (٤).

وقال الثُّمَالي ويَحيى بن سلّام في هذه الآية: يَحْبِس الله الْمَطَر فيَهْلِك كُلّ شَيء.

وقد مَضَى في البقرة (٥) نحو هذا عن عكرمة ومجاهد في تَفْسِير: (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) [البقرة: ١٥٩]: هُمْ الْحَشَرَات والبَهَائم يُصِيبهم الْجَدْب بِذُنُوب عُلَمَاء السُّوء الكَاتِمِين فَيَلْعَنُونَهم.


(١) الذي في تفسيره (جامع البيان ١٩/ ٣٩٦، ٣٩٧): يقول تعالى ذكره: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ) يقول: ولو يعاقب الله الناس ويكافئهم بما عملوا من الذنوب والمعاصي، واجترحوا من الآثام، ما ترك على ظهرها من دابة تدب عليها، (وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) يقول: ولكن يؤخر عقابهم ومؤاخذتهم بما كسبوا إلى أجل معلوم عنده محدود، لا يقصرون دونه، ولا يجاوزونه إذا بلغوه.
(٢) رواه ابن جرير في "جامع البيان"، مرجع سابق (١٤/ ٢٦٠). وينظر: الدر المنثور، مرجع سابق (٥/ ١٤٠).
(٣) في القاموس المحيط (ص ١٣٨٣): والهزال، بالضم نقيض السمن، وهزل، كعني، هزالًا، وهزل، كنصر، هزلًا، ويضم.
(٤) رواه ابن جرير في "جامع البيان"، مرجع سابق (١٤/ ٢٦٠) وينظر أيضًا: الدر المنثور، مرجع سابق (٥/ ١٤٠)، ولتخصيص الحبارى دون غيرها: انظر: "غريب الحديث"، ابن قتيبة (٢/ ٣٩٦)، و"النهاية في غريب الحديث"، ابن الأثير (١/ ٣٢٨).
(٥) انظر: (٢/ ١٨٣).

<<  <   >  >>