للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عساكر: وجُمْلة قَوْلِنا: أن نُقِرّ بِالله ومَلائكَته وكُتُبه ورُسُله، ومَا جَاء مِنْ عند الله، ومَا رَوَاه الثِّقَات عن رَسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نَرُدّ مِنْ ذلك شَيئًا، وأنَّ الله إلَه واحِد صَمَد، لا إلَه غَيره، لم يَتَّخِذ صَاحِبَة ولا وَلدًا … وأنَّ له يَدًا، كَمَا قَال: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) [المائدة: ٦٤] (١).

وسَبَق في التَّمْهِيد لِهذا الْبَحْث بَيَان اضْطِرَاب مَنهج القرطبي في بعض مَسَائل الاعْتِقَاد.

أما إفادة القرطبي لمن أتوا بعده، وموافقة غيره له:

كما أخَذ القُرْطُبي ونَقَل عن غيره، فقد أخَذ غَيرُه عنه، وأفَاد مِنه.

نَقَل ابن تيمية عن القرطبي تَفْصِيلًا لَه في مَسْألَة "الاسْتِوَاء"، وقد سَلَك فيها القرطبي سَبيل السَّلَف وجَادَّة الصَّوَاب (٢).

وقد أحْسَن ابن تيمية الثَّنَاء على القرطبي، حيث سُئل ابن تيمية، "أيّ التَّفَاسِير أقْرَب إلى الكِتَاب والسُّنَّة؟ الزمخشري، أم القرطبي، أم البغوي أوْ غير هؤلاء"؟

فكان مِمَّا أجَابَ بِه - مُقَارِنًا بين تفسير القرطبي وبين تفسير الزمخشري: وتَفْسِير القرطبي خَيْر مِنه بِكَثِير، وأقْرَب إلى طَرِيقَة أهْل الكِتَاب والسُّنَّة وأبْعَد عن البِدَع (٣).

ونَقَل ابنُ القيم عَنْ القرطبي قَوْلَه في مَسْألَة الاسْتِوَاء على العَرْش (٤).

وأفَاد مِنه ابن كَثِير كَثِيرًا في مَسَائل شَتَّى، فيَذْكُر بَعْض اخْتِيَارَاته في اللغَة، حيث قال ابن كثير في بَحث "الاسْم الأعظَم": فَذَهَبَ مَنْ ذَهَب مِنْ النُّحَاة إلى أنه اسْم


(١) تبيين كذب المفتري، مرجع سابق (ص ١٥٨).
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مرجع سابق (٣/ ٢٦١).
(٣) المرجع السابق (١٣/ ٣٨٥ - ٣٨٧) وقد تقدم هذا في "التمهيد".
(٤) اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية (ص ١١٦) وتقدم هذا في "التمهيد".

<<  <   >  >>