للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقَال في قَوله تَعالى: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) [القمر: ١٤]: أي: بِمَرْأى مِنَّا. وقِيل: بأمْرِنا.

وقِيل: بِحِفْظ مِنَّا وكَلاءَة … ومِنه قَول النَّاس للمُوَدَّع: عَيْن الله عَليك، أي: حِفْظه وكَلاءَته (١).

وصِفَة "الْعَيْن" ثابِتَة لله تَبَارَك وتَعالى في الكِتَاب وفي السُّنَّة؛ أمَّا في الكِتَاب فَمِنْه قَوله تَعالى: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه: ٣٩]، وقَوله تَعالى: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) [القمر: ١٤]، وأصْرَح مِنه قَوله تَعالى عن نَفْسِه: (أَسْمَعُ وَأَرَى) [طه: ٤٦].

قال ابن عساكر في ذمّ كَثِير مِنْ الْمُعْتَزِلَة وأهْل القَدَر: ودَفَعُوا أن يَكُون لله وَجْه مع قَوله: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن: ٢٧]، وأنْكَرُوا أن يَكُون لله يَدَان مَع قَوله: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ) [ص: ٧٥]، وأنْكَرُوا أن يَكُون له عَيْن مَع قَولِه: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) [القمر: ١٤]، ولِقَولِه: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه: ٣٩] (٢).

كَمَا تَأوَّل القرطبي صِفَة اليَد، فإنه قَال في قَوله تَعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) [المائدة: ٦٤]: بل نِعْمَته مَبْسُوطَة؛ فَاليَد بِمَعْنى النِّعْمَة. قال بَعْضُهم: هذا غَلَط لِقَوْلِه: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)، فَنِعَم الله تَعالى أكْثَر مِنْ أن تُحْصَى، فَكَيْف تَكُون: بَلْ نِعْمَتَاه مَبْسُوطَتَان؟ وأُجِيب بأنه يَجُوز أن يَكُون هذا تَثْنِية جِنْس لا تَثْنِيَة وَاحِد مُفْرَد (٣). وذَكَر أقْوَالًا أُخْرَى في تَأوِيل صِفَة اليَد (٤).

وفي "اعْتِقَاد الإمام الْمُبجَّل ابن حنبل" (٥): وكان يَقُول (٦): إنَّ لله تَعالى يَدَين، وهُمَا صِفَة لَه في ذَاتِه.


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٧/ ١١٧).
(٢) تَبيين كَذِب المفتري (ص ١٥٧).
(٣) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٦/ ٢٢٦).
(٤) قارِن بما في "المحرر الوجيز" مرجع سابق (٢/ ٢١٥).
(٥) (١/ ٢٩٤).
(٦) أي الإمام أحمد.

<<  <   >  >>