للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما نَقَل ابن كثير عن القرطبي في التفسير فقد نَقَل عن كِتَاب "التذكرة في أحْوَال الْمَوْتَى وأمُور الآخِرَة" (١).

ومِن العُلَمَاء الذين أفَادُوا مِما سَطَّرَه القرطبي في كُتُبه: ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري"، إذْ يَقول في "حُكْم الغِيبَة": ونَقَل أبو عبد الله القرطبي في تفسيره الإجْمَاع على أنَّها مِنْ الكَبَائر؛ لأنَّ حَدَّ الكَبِيرَة صَادِق عَليها، لأنَّها مِمَّا ثَبَت الوَعِيد الشَّدِيد فِيه (٢).

وفي مَواقِف الآخِرة نَقَل ابن حجر عن القرطبي قَوله في "التذكرة": ذَهَب صَاحِب "القُوت" (٣) وغيره إلى أنَّ الْحَوْض يَكُون بَعْد الصِّرَاط، وذَهَب آخَرُون إلى العَكْس، والصَّحِيح أنَّ للنبي صلى الله عليه وسلم حَوْضَيْن، أحَدُهما في الْمُوْقِف قَبْل الصِّرَاط، والآخَر دَاخِل الْجَنَّة، وكُلّ مِنْهُمَا يُسَمَّى كَوْثَرا.

ثم تعقَّبه ابن حجر بِقَولِه: قلت: وفِيه نَظَر؛ لأنَّ الكَوْثر نَهْر دَاخِل الْجَنَّة (٤).

وفي مَسْألَةٍ فِقْهِيَّة في الطَّلاق، وهي "في الْحَرَام إن نَوى يَمِينًا أوْ طَلاقًا" قال ابن حجر: وفي الْمَسْألَة اخْتِلافٌ كَثِير عن السَّلَف، بَلَّغَها القرطبي الْمُفَسِّر إلى ثَمَانِية عَشَر قَوْلًا، وزَاد غَيره عَليها، وفي مَذْهب مَالك فِيها تَفَاصِيل أيْضًا يَطُول اسْتِيعَابها.

قال القرطبي: قال بَعْض عُلَمَائنَا: سَبَب الاخْتِلاف أنه لَم يَقَع في القُرْآن صَرِيحًا ولا في السُّنَّة نَصّ ظاهِر صَحِيح يُعْتَمَد عليه في حُكْم هذه الْمَسْألَة، فَتَجَاذَبَها العُلَمَاء (٥).


(١) انظر على سبيل المثال: تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (١٤/ ٢٦٠، ٢٦٣).
(٢) فتح الباري، مرجع سابق (١٠/ ٤٧٠).
(٣) هو أبو طالب المكي، صاحب كتاب "قُوت القُلوب"، وفي "قُوت القُلُوب" أحاديث ضعيفة وموضوعة وأشياء كثيرة مردودة (مجموع فتاوى ابن تيمية، مرجع سابق ١٠/ ٥٥١).
(٤) فتح الباري، مرجع سابق (١١/ ٤٦٦).
(٥) المرجع السابق (٩/ ٣٧٢).

<<  <   >  >>