للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي آيَة "الصافات" بَيَّن ابن جرير مَعْنَى "لازِب" بِأنه اللاصِق، ثم بَيَّن سَبَب ذلك فَقَال: وإنَّمَا وَصَفَه جَلّ ثَناؤه باللزوب لأنَّه تُرَاب مَخْلُوط بِمَاء، وكَذلك خُلِق ابن آدَم مِنْ تُراب ومَاء ونَار وهَواء، والتُّرَاب إذا خُلِط بِمَاء صَار طِينًا لازِبًا (١).

وفي آيَة "الطارق" قال: أخْبَر جَلّ ثَنَاؤه عَمَّا خَلَقَه مِنه، فَقَال: (خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ) يَعني: مِنْ مَاء مَدْفُوق، وهو مِمَّا أخْرَجَتْه العَرَب بِلَفْظ فَاعِل، وهو بِمَعْنَى الْمَفْعُول، ويُقَال: إنَّ أكْثَر مَنْ يَسْتَعْمِل ذلك مِنْ أحْيَاء العَرَب سُكَّان الْحِجَاز إذا كان في مَذْهَب النَّعْت، كَقَولِهم: هذا سِرّ كَاتِم، وهَمّ نَاصِب، ونَحو ذلك (٢).

وقال في سُورة "العَلق": (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) يَعني: مِنْ الدَّم. وقَال: (مِنْ عَلَقٍ) والْمُرَاد به مِنْ عَلَقَة، لأنه ذَهَب إلى الْجَمْع، كَمَا يُقَال: شَجَرَة وشَجَر، وقَصَبَة وقَصَب، وكذلك عَلَقَة وعَلَق.

وإنَّمَا قَال (مِنْ عَلَقٍ) والإنْسان في لَفْظ واحِد؛ لأنه في مَعْنَى جَمْع، وإن كان في لَفْظ وَاحِد، فَلِذَلك قِيل: (مِنْ عَلَقٍ) (٣).

ويَرى ابن الجوزي أنَّ "قَوله تَعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) يَعْنِي آدَم، وذلك أنه لَمَّا شَكّ الْمُشْرِكُون في البَعْث وقَالُوا: مَنْ يُحْيي هَذه العِظَام؟ أعْلَمَهم أنه خَلَقَهم مِنْ طِين، فهو قَادِر على إعَادَة خَلْقِهم" (٤).

والْمُرَاد بـ "الإنسان" في سُورة الحجر هو آدَم أيضًا، ثم ذَكَر ابن الجوزي في مَعْنَى الصِّلْصَال ثَلاثة أقْوَال:


(١) جامع البيان، مرجع سابق (١٩/ ٥١٠، ٥١١).
(٢) المرجع السابق (٢٤/ ٢٩٢).
(٣) المرجع السابق (٢٤/ ٥٢٧).
(٤) زاد المسير، مرجع سابق (٣/ ٢، ٣).

<<  <   >  >>