للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يَقْتَضِي مَا تُعْطِيه الشَّرِيعَة مِنْ أنَّ الآخِرَة ليستْ دَار تَكْلِيف (١).

وقد اسْتَدَلّ قَوْم في أنَّ أهل الْجَزَائر (٢) إذا سَمِعُوا بالإسْلام وآمَنُوا فلا تَكْلِيف عليهم فِيما مَضَى. وهذا صَحِيح. ومَن لَم تَبْلُغه الدَّعْوَة فهو غَير مُسْتَحِقّ للعَذَاب مِنْ جِهة العَقْل. والله أعلم (٣).

وقال في قَوله تَعالى: (عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) أي: سُكُون. يُقال: فَتَر الشيء سَكَن.

وقيل: (عَلَى فَتْرَةٍ) على انْقِطَاع مَا بَيْن النَّبِيِّين … والْمَعْنَى: أي مَضَتْ للرُّسُل مُدَّة قَبْله (٤) ثم ذَكَر الاخْتِلاف في قَدْر مُدَّة تلك الفَتْرة (٥).

وفي آيَة "القصص" اقْتَصَر القُرْطبي على قَولِه: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) يَعْنِي العَرَب، أي لَم تُشَاهِد تلك الأخْبَار، ولكن أوْحَيْنَاها إلَيك رَحْمَة بِمَنْ أُرْسِلْتَ إلَيهم لِتُنْذِرَهم بِها (٦).

وفي آيَة "السجدة" (لِتُنْذِرَ قَوْمًا) نَقَل عن قَتادة قَوله: يَعني قُرَيشًا، كَانُوا أُمَّة أُمِّيَّة لَم يَأتِهم نَذِير مِنْ قَبْل محمد صلى الله عليه وسلم.

وقِيل: الْمُرَاد بِالقَوم: أهْل الفَتْرَة بَيْن عِيسى ومحمد عليهما السلام. قاله ابن عباس ومقاتل.

وقِيل: كَانت الْحُجَّة ثَابِتَة لله جَلَّ وعَزّ عَليهم بإنْذَار مَنْ تَقَدَّم مِنْ الرُّسُل، وإنْ لَم يَرَوا رَسُولًا (٧).


(١) أصل هذا القول لابن عبد البر في "الاستذكار" (٣/ ١١٤)، وفيه نظر، وستأتي مناقشة هذا القول في رأي الباحث.
(٢) جمع جزيرة، ويراد به أهل الجزر النائية.
(٣) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٠/ ٢٠٣).
(٤) المرجع السابق (٦/ ١١٨) باختصار.
(٥) انظر: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٦/ ١١٨).
(٦) المرجع السابق (١٣/ ٢٦٠).
(٧) المرجع السابق (١٤/ ٧٩) باختصار.

<<  <   >  >>