للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقَال: (دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا). أمَّا قَوله: (عُمْيًا) فلا يَرَون شَيئًا يَسَرُّهم، وقَوله: (بُكْمًا) لا يَنْطِقُون بِحُجَّة، وقَوْله: (صُمًّا) لا يَسْمَعُون شَيئًا يَسُرُّهُم (١).

وفي قَولِه تَعالى: (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ) رَوى ابن جرير - بإسْنَادِه - إلى أنس رضي الله عنه مَا جَاء في سُؤَال الرَّجُل للنبي صلى الله عليه وسلم: كَيف يُحْشَر الكَافِر على وَجْهه؟ قال: الَّذِي أَمْشَاهُ عَلى رِجْلَيْه قادرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ (٢).

كَمَا رَوَى - بإسْنَادِه - إلى أبي هريرة رضي الله عنه قَال: يُحْشَر النَّاس يَوْم القِيَامَة على ثَلاثة أصْنَاف: صِنْف على الدَّوَاب، وصِنْف على أقْدَامِهم، وصِنْف على وُجُوهِهم. فَقِيل: كَيْف يَمْشُون على وُجُوهِهم؟ قال: إنَّ الذي أمْشَاهُم على أقْدَامِهم قَادِر أن يُمْشِيهم على وُجُوهِهم (٣).

قال ابن جرير: وقَوله: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ) يَقُول: وعَايَن الْمُشْرِكُون النَّار يَوْمَئذٍ (فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا) يَقُول: فَعَلِمُوا أنَّهُم دَاخِلُوها.

ثم رَوى مِنْ طريق درَّاج (٤) عن أبي الْهَيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنَّ الكَافِر يَرَى جَهَنَّم فَيَظُنّ أنّها مُواقِعَتُه مِنْ مَسِيرَة أرْبَعِين سَنَة (٥).


(١) جامع البيان، مرجع سابق (١٥/ ٩٢ - ٩٤) باختصار.
(٢) سبق تخريجه، وهو مخرج في الصحيحين.
(٣) جامع البيان، مرجع سابق (١٧/ ٤٤٩، ٤٥٠).
(٤) في الكامل، ابن عدي (٣/ ١١٢): قول أحمد بن حنبل: أحاديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فيها ضعف. وفي تقريب التهذيب (ترجمة): صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف. وينظر: ميزان الاعتدال، مرجع سابق (٣/ ٤٠).
وقال ابن القيم (النونية-ص ٣٣٧، ٣٣٨) عن حديث في إسناده "دراج":
لكن دراجًا أبا السمح الذي فيه، يضعفه أولو الإتقان
هذا وبعضهم يصحح عنه في التفسير كالمولود من حبان
فحديثه دون الصحيح وإنه فوق الضعيف وليس ذا إتقان
(٥) جامع البيان، مرجع سابق (١٥/ ٢٩٩)، والحديث رواه أحمد (ح ١١٧١٤) من طريق دراج به، وقال محققو المسند (١٨/ ٢٤٦): حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف.
قالوا: ويشهد له حديث أبي هريرة عند ابن حبان (ح ٧٣٥٢)، وإسناده حَسَن.

<<  <   >  >>