للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والْخَامِس: مَنْ كان فِيها أعْمى عن الْحُجَّة، فَهو في الآخِرَة أعْمَى عن الْجَنَّة (١).

وفي مَعْنَى الْعَمَى في قَولِه تَعالى: (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) ذَكَر قَوْلَين:

أحَدُهما: أعْمَى البَصَر. روى أبو صالح عن ابن عباس قال: إذا أُخْرِج مِنْ القَبر خَرَج بَصِيرًا، فإذا سِيق إلى الْمَحْشَر عَمِي.

والثاني: أعْمَى عن الْحُجَّة. قاله مجاهد وأبو صالح. قال الزجاج: مَعْناه: فلا حُجَّة له يَهْتَدِي بِها؛ لأنه لَيس للنَّاس على الله حُجَّة بَعْد الرُّسُل (٢).

واقْتَصَر في آيَة "الكهف" عَلى قَوْلِه: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ) أي: عَايَنُوهَا وهي تَتَغَيَّظ حَنَقًا عَليهم. والْمُرَاد بالْمُجْرِمِين الكُفَّار. (فَظَنُّوا) أي: أيْقَنُوا (أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا) أي: دَاخِلُوها، ومَعْنَى الْمُواقَعَة مُلابَسَة الشَّيء بِشِدَّة (٣).

وقَال في قَوله تَعالى: (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا) فيه قَوْلان:

أحَدُهما: غَلَين تَغَيُّظ قاله الزجاج.

قال الْمُفَسِّرُون: والْمَعْنَى: أنَّها تَتَغَيَّظ عليهم فَيَسْمَعون صَوْت تَغَيُّظِها وزَفِيرها كالغَضْبَان إذا غَلا صَدْرُه مِنْ الغَيْظ.

والثَّاني: يَسْمَعُون فِيها تَغَيُّظ الْمُعَذَّبِين وزَفِيرهم حكاه ابن قتيبة (٤).

وقال في آية "السجدة": يَقُولُون: رَبَّنَا أبْصَرْنَا وسَمِعْنَا، أي: عَلِمْنا صِحَّة مَا كُنَّا مُكَذِّبِين، فارْجِعْنا إلى الدُّنيا (٥).


(١) زاد المسير، مرجع سابق (٥/ ٦٦).
(٢) المرجع السابق (٥/ ٣٢).
(٣) المرجع السابق (٥/ ١٥٦، ١٥٧).
(٤) المرجع السابق (٦/ ٧٥).
(٥) المرجع السابق (٦/ ٣٣٦).

<<  <   >  >>