للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: أنَّ الإلَه لا يَتَعَدَّد، وهُم (١) يَلْزَمهم القَوْل بِثَلاثة آلِهَة (٢).

وقَال في آيَة "الأنعام": قَوله تَعالى: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ) يُقَال: مَا عَامِل الإعراب في الظَّرْف مِنْ (فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ)؟

فَفِيه أجْوبَة:

أحَدُها: أي: وهو الله الْمُعَظَّم، أو الْمَعْبُود في السَّمَاوَات وفي الأرْض، كَمَا تَقُول: زَد الْخَلِيفَة في الشَّرْق والغَرْب، أي: حُكْمُه.

ويَجُوز أن يَكُون الْمَعْنَى: وهو الله الْمُنْفَرِد بالتَّدْبير في السَّمَاوَات وفي الأرْض، كَمَا تَقُول: هو في حَاجَات النَّاس، وفي الصَّلاة.

ويَجُوز أن يَكُون الْمَعْنَى: وهو الله الْمُنْفَرِد بالتَّدْبِير في السَّمَاوَات وفي الأرْض، كَمَا تَقُول: هو في حَاجَات النَّاس، وفي الصَّلاة.

ويَجُوز أن يَكُون خَبَرًا بَعْد خَبَر، ويَكُون الْمَعْنَى: وهو الله في السَّمَاوَات، وهو الله في الأرْض.

وقِيل: الْمَعْنَى: وهو الله يَعْلَم سِرَّكُم وجَهْرَكم في السَّمَاوَات وفي الأرْض، فلا يَخْفَى عليه شَيء.

قال النحاس: وهذا مِنْ أحْسَن مَا قِيل فِيه.

وقال محمد بن جرير (٣): وهو الله في السَّمَاوَات ويَعْلَم سِرَّكُم وجَهْرَكم في الأرْض.

فَـ (يَعْلَم) مُقَدَّم في الوَجْهَين، والأوَّل أسْلَم وأبْعَد مِنْ الإشْكَال.

وقِيل غَير هَذا.

والقَاعِدة تَنْزِيهه جَلَّ وعَزّ عن الْحَرَكَة والانْتِقَال وشَغْل الأمْكِنَة (٤).


(١) أي النصارى.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٦/ ٢٣٤).
(٣) جامع البيان، مرجع سابق (٩/ ١٥٥) مع اختلاف في العبارة، وستأتي عبارة ابن جرير.
(٤) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٦/ ٣٥٩).
وما اعتبره القرطبي قاعدة في تنزيه الباري خلاف ما جاءت به النصوص، ونفي الحركة والانتقال ليس محل مدح، بل هو من صفات الجمادات، وأهل السنة يثبتون لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد ثبت أنه سبحانه وتعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل نزولًا يليق به سبحانه، كما في الصحيحين: البخاري (ح ١٠٩٤)، ومسلم (ح ٧٥٨)، وفي التنزيل إثبات مجيء الرب سبحانه وتعالى للفصل يوم الفصل.
وينظر لذلك: بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية (٢/ ٢٨٦ وما بعدها)، و"مجموع الفتاوى" مرجع سابق (٥/ ٤٣٦، ٥٦٦)، و"كتاب الصفات"، الحازمي، و"صفات الله"، السقاف.

<<  <   >  >>