للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَرْشِه حَقِيقَة، وخَصّ العَرْش بِذلك لأنه أعْظَم مَخْلُوقَاته، وإنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّة الاسْتِوَاء، فإنه لا تُعْلَم حَقِيقته (١).

قال مالك رحمه الله: الاسْتِواء مَعْلُوم - يَعْنِي في اللغَة -، والكَيْف مَجْهُول، والسُّؤَال عن هذا بِدْعَة (٢).

وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها (٣) وهذا القَدْر كَافٍ، ومَن أرَاد زِيادة عليه فَلْيَقِف عليه في مَوْضِعِه من كُتُب العُلَمَاء (٤).

والاسْتِوَاء في كَلام العَرَب هو العُلُوّ والاسْتِقْرَار.

واسْتَوى الرَّجل، أي انْتَهى شَبَابه.

واسْتَوى الشيء إذا اعْتَدَل، وحكى أبو عمر بن عبد البر عن أبي عبيدة في قَوْلِه تَعَالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: ٥] قال: عَلا.

قلت: فَعُلُوّ الله تَعالى وارْتِفَاعه عِبَارَة عن عُلُو مَجْدِه وصِفَاتِه ومَلَكُوته، أي: ليس فَوْقَه فِيمَا يَجِب له مِنْ مَعَاني الْجَلال أحَد، ولا مَعَه مَنْ يَكون العُلُوّ مُشْتَرَكًا بَيْنَه وبَيْنَه، لكنه العَلِيّ بِالإطْلاق سُبحانه.


(١) أي كيفيته. وانظر: "الاستذكار"، مرجع سابق (٢/ ٥٢٩).
(٢) رواه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (٣/ ٣٩٨)، وابن عبد البر في "التمهيد" (٧/ ١٣٨)، ورواه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (٣/ ٣٩٨) عن ربيعة بن عبد الرحمن، وانظر: "الاستذكار"، مرجع سابق (٢/ ٥٢٨، ٥٢٩).
(٣) رواه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (٣/ ٣٩٧)، وابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (ص ١٠٩)، قال الذهبي: هذا القول محفوظ عن جماعة كربيعة الرأي، ومالك الإمام، وأبي جعفر الترمذي، فأما عن أم سلمة فلا يصح؛ لأن أبا كناسة ليس بثقة، وأبو عمير لا أعرفه. (العلو، مرجع سابق ص ٨٠).
(٤) يُنظر لذلك: عقيدة السلف وأصحاب الحديث، مرجع سابق (ص ١٣ وما بعدها)، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة"، مرجع سابق (٣/ ٣٩٨)، و"الاعتقاد"، البيهقي (ص ١١٥)، و"الملل والنحل"، الشهرستاني (١/ ٩٣)، و"ذم التأويل" ابن قُدامة (ص ٢٦)، و"شرح العقيدة الطحاوية" مرجع سابق (ص ٣١٣)، و"اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث"، مرجع سابق (ص ٢٢ وما بعدها).

<<  <   >  >>