للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَرَون الشَّمْس لَيس دُونَها سَحَاب (١). فَالْمُؤمِنُون يَرونَه، والكَافِرُون عنه يَومَئذٍ مَحْجُوبُون، كَمَا قَال جَل ثَنَاؤه: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ).

ثم شَرَع ابن جرير في ردّ حُجج وأقْوَال نُفَاة الرُّؤيَة.

وَخَتَم الْمَبْحَث بِقَولِه: ولأهْل هَذه الْمَقَالَة مَسَائل فيها تَلْبِيس، كَرِهْنا ذِكْرَها وإطَالة الكِتَاب بِها وبِالْجَوَاب عنها، إذ لم يكُن قَصْدنا في كِتَابِنا هذا قَصْد الكَشْف عن تَمْوِيهَاتِهم، بل قَصَدْنا فيه البَيَان عن تَأوِيل آي الفُرْقَان.

ولكنا ذَكَرْنا القَدْر الذي ذَكَرْنا لِيَعْلَم النَّاظِر في كِتَابِنا هذا أنَّهم لا يَرْجِعون مِنْ قَوْلِهم إلَّا إلى مَا لَبَّسَ عليهم الشَّيْطَان مِمَّا يَسْهُل على أهْل الْحَقّ البَيَان عن فَسَادِه، وأنّهم لا يَرْجِعون في قَوْلِهم إلى آية مِنْ التَّنْزِيل مُحْكَمة، ولا رِوَاية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَحِيحَة ولا سَقيمَة! فَهُمْ في الظُّلُمَات يَخْبِطُون، وفي العَمْياء يَتَرَدَّدُون. نَعُوذ بالله مِنْ الْحَيْرَة والضَّلالة (٢).

ولعلّه اكْتَفى بما قرَّره هنا عن بَحْث الْمَسْألَة في آيَة "الأعراف"، فإنه أطَال في ذِكْر قِصَّة مُوسَى عليه الصلاة والسلام، وكَيْف تَجَلَّى الله للجَبَل، وذِكْر مَا وَرَد في ذلك (٣).

وفي آيَة "المطففين" قال ابن جرير: يقول تَعالى ذِكْرُه: مَا الأمْر كَمَا يَقُول هَؤلاء الْمُكَذِّبُون بِيومِ الدِّين مِنْ أنَّ لَهم عند الله زُلْفة: (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فَلا يَرَونَه، ولا يَرَون شَيئًا مِنْ كَرَامَتِه يَصِل إليهم.

وقد اخْتَلَف أهْل التَّأوِيل في مَعْنَى قَوله: (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)؛ فَقَال بَعْضُهم: مَعْنَى ذَلك: إنَّهم مَحْجُوبُون عن كَرَامَتِه.


(١) الحديث مخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة. البخاري (ح ٧٠٠٠)، ومسلم (ح ١٨٢)، ومن حديث أبي سعيد الخدري: البخاري (ح ٧٠٠١)، ومسلم (ح ١٨٣)، ومن حديث جرير: البخاري (ح ٦٩٩٧).
(٢) جامع البيان، مرجع سابق (٩/ ٤٥٩، ٤٦٩) باختصار.
(٣) انظر: جامع البيان، مرجع سابق (١٠/ ٤١٨ - ٤٢٧).

<<  <   >  >>