أحَدُها: لا تُحِيط بِه الأبْصَار … وقال الزجاج مَعْنَى الآيَة: الإحَاطَة بِحَقِيقَتِه، وليس فيها دَفْع للرُّؤيَة، لِمَا صَحّ عن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ الرُّؤيَة، وهَذا مَذْهَب أهْل السُّنَّة والعِلْم والْحَدِيث.
والثَّاني: لا تُدْرِكه الأبْصَار إذا تَجَلَّى بِنُورِه الذي هو نُورُه.
والثَّالِث: لا تُدْرِكُه الأبْصَار في الدُّنيا.
وَحَمَل ابن الجَوزي الْمُطْلَق على الْمُقَيَّد، فَرَجَّح أن الرُّؤيَة الْمَنْفِيَّة في الدُّنيا، حيث قال: ويَدُلّ على أنَّ الآيَة مَخْصُوصَة بِالدُّنيا قَوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ). فَقَيَّد النَّظَر إليه بِالقِيَامَة، وأطْلَق في هَذه الآيَة، والْمُطْلَق يُحْمَل على الْمُقَيَّد (١).
وأكَّد ذلك في آيَة "الأعراف"، فَقَال: قَوله تَعالى: (قَالَ لَنْ تَرَانِي) تَعَلَّق بِهذا نُفَاة الرُّؤيَة، وقَالُوا:(لن) لِنَفْي الأبَد، وذلك غَلَط، لأنَّها قد وَرَدَتْ ولَيس الْمُرَاد بِها الأبَد في قَولِه:(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ)[البقرة: ٩٥]، ثم أخْبَر عنهم بِتَمَنِّيه في النَّار بِقَولِه:(يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)[الزخرف: ٧٧]، ولأنَّ ابن عباس قَال في تَفْسِيرِها: لن تَرَاني في الدُّنيا.
وقال غيره: هذا جَوَاب لِقَول مُوسَى: أرِنِي، ولم يُرِد أرِني في الآخِرَة، وإنَّمَا أرَادَ في الدُّنيا، فأُجِيب عَمَّا سَأل.