للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حِين اخْتَصَر السَّمَرْقَندي الْجَوَاب بِقَولِه: يَعْنِي: لا تُكْرِهُوا في الدِّين أحَدًا بَعْد فَتْح مَكَّة، وبَعْد إسْلام العَرَب. (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) يَعْنِي: قَدْ تَبَيَّن الْهُدَى مِنْ الضَّلالَة ويقال: قَدْ تَبيّن الإسْلام مِنْ الكُفْر، فَمَنْ أسْلَم وإلَّا وُضِعتْ عليه الْجِزْية، ولا يُكْرَه على الإسْلام (١).

فهو لم يَذكر نَسْخًا في الآية، وإنما ذَكَر تَخْصِيصًا لِمَعْنَاهَا.

وأما السَّمعاني فَذَكَر قَول ابن عباس في سَبَب نُزُول الآيَة (٢)، ونَقَل عن الشَّعبي قَوله: هَذا في أهْل الكِتَاب، لا يُجْبَرُون على الإسْلام إذا بَذَلُوا الْجِزْيَة. ثم قَال: وفِيه قَول ثَالِث: أنه كَان في الابْتِدَاء، ثم صَار مَنْسُوخًا بآيَة القِتَال (٣).

وذَكَر الثعلبي أقوالًا في الآية، فَذَكَر قول مُجاهِد: وكان هذا قَبل أن يُؤمَر رَسول الله صلى الله عليه وسلم بِقِتَال أهل الكِتَاب، ثم نُسِخ قوله: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، وأُمِر بِقِتَال أهْل الكِتَاب في سُورة بَراءة.

ثم قال الثعلبي: وهَكذا قَال ابن مسعود وابن زيد إنها مَنْسُوخَة بآيةِ السَّيف، وقَال البَاقُون: هي مُحْكَمَة (٤).

"ومَعْنَى الآيَة: لا تَقُولُوا لِمَنْ دَخَل بعد الْحَرْب في الإسْلام أنه دَخَل مُكْرَها، ولا تَنْسِبُوا مَنْ (٥) دَخَل في الإسْلام إلى الكُرْه" (٦).


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ١٩٥).
(٢) تقدّم قول ابن عباس رضي الله عنهما، وتقدم تخريجه.
(٣) تفسير القرآن، مرجع سابق (١/ ٢٦٠).
(٤) الكشف والبيان، مرجع سابق (٢/ ٢٣٤).
(٥) في المطبوع: (فَمَنْ) وهو خطأ فيما يظهر.
(٦) الكشف والبيان، مرجع سابق (٢/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>