للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السمرقندي: فَهذا القُرْآن بَيَان لَهُمْ مِنْ الضَّلالَة، وبَيَان لَهُمْ مِنْ الشُّبُهَات، وبَيَان الْحَلال مِنْ الْحَرَام. فَإن قِيل: فيه بَيان لِجَمِيع النَّاس، فَكَيف أضَاف إلى الْمُتَّقِين خَاصَّة؟ قِيل لَه: لأنَّ الْمُتَّقِين هُمْ الذين يَنْتَفِعُون بالبَيَان، ويَعْمَلُون بِه، فَإذا كَانُوا هُمْ الذين يَنْتَفِعُون به صَار في الْحَاصِل البَيَان لَهُمْ (١).

وقال في تَفْسِير سُورَة الأنْعَام: واسْم الْهُدَى يَقَع على التَّوحِيد والشَّرَائِع (٢).

أمَّا السمعاني فَقَد قَال: فإن قَال قائل: لِمَ خَصّ الْمُتَّقِين بالذِّكْر، وهو هُدى لِجَمِيع الْمُؤمِنِين؟ قِيل: إنما خَصَّهُم بالذِّكْرِ تَشْرِيفًا، أوْ لأنهم هُمْ الْمُنْتَفِعُون بالْهُدَى حَيث نَزَلُوا مَنْزِل التَّقْوَى دُون غَيْرِهم (٣).

واقْتَصَر البَغَوي عَلى قَولَه: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) أي: هو هُدى، أي: رُشْد وبَيَان لأهْل التَّقْوَى .... وتَخْصِيص الْمُتَّقِين بالذِّكْر تَشْرِيف لَهُم، أوْ لأنهم هُمْ الْمُنْتَفِعُون بالْهُدَى (٤).

وفَصَّل ابن عطية فقال: وقَال هُنا: (لِلنَّاسِ) [آل عمران: ٤] وقَال في القُرْآن (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) وذَلك عِنْدي لأنَّ هَذا خَبَر مُجَرَّد، وقَوله: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) خَبر مُقْتَرِن بِه الاسْتِدْعَاء والصَّرْف إلى الإيمان، فَحَسُنَت الصِّفَة لِيَقَع مِنْ السَّامِع النَّشَاط والبِدَار (٥).

في حين ذَهب ابن الجوزي إلى أنَّ الآية تَشْمَل الْمُؤمِنِين والكَافِرِين، فَقَال: فَإن قِيل: فالْمُتَّقِي مُهْتَدٍ، فما فَائدَة اخْتِصَاص الْهِدَاية بِه؟


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ٤٨).
(٢) المرجع السابق (١/ ٤٨٥).
(٣) تفسير القرآن، مرجع سابق (١/ ٤٢).
(٤) معالم التنْزيل، مرجع سابق (١/ ٤٥) باختصار.
(٥) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٣٩٩).

<<  <   >  >>