بلغ خبر هذه الحرب الى رومة. فادعت على قرطاجنة اما لم تحترم مواد الصلح الواقع بعد حرب زامة. حيث تمهدت إذ ذاك أن لا تحارب مصينيسا. ووجدت بذلك وجها لفتح حرب عليها. تلك الحرب التي انتهت بتدمير قرطاجنفوذوبان القرطاجنيين في غيرهم.
لزم مصينيسا في هذه الحرب البونيقية الاخيرة الحياد. فلم يعن الرومان. وهو الذي كان يعينهم في حروبهم خلف البحار. ذلك أنه كان يأمل أن يكون هو المالك لقرطاجنة تتميما لبرنامجه في الاستقلال بشمال أفريقية. فان لم يحصل ذلك عاجلا فجوار قرطاجنة السلمية الضعيفة خير له ولجنسه من جوار الرومان الحربيين الاقوياء.
في سنة (١٤٩) أحس مصينيسا بدنو أجله. فأرسل الى سبيون الاميلي- الذي سيكون فاتح قرطاجنة- ليوصيه على أولاده. فتوفي قبل وصوله.
كان مصينيسا ملكا عظيما ذا سياسة ودهاء وادارة ونظام وعناية بالفلاحة والتجارة، صبورا على الشدائد ثابت العزيمة، خاض غمرات الاهوال ولجج الخطوب بقوة جنان ورباطة جأش، حتى تغلب على أعدائه وأورث بنيه ملكا ثابتا ونفوذا عريضا. كان لا يفرط في حظه من الملاذ ان ابتسم له الدهر، ولكن مع يقظة وحذر، فلا يغفل عن أحوال مملكته خوفا من تدبير ثورة. وكان له أسطول وجنود منظمة وسكة مطبوعة باسمه. وتلاث آية الاستقلال. اذ لو كان تحت الرومان لكانت السكة باسمهم.
تعلم الفينيقية أيام كان بقرطاجنة في صباه. فكان ولوعا بها. واتخذها لغته الرسمية ونشرها في مملكته. ومع ذلك لم يكن