رسول يوغورطة. واتفق هذا الرسول الروماني وذلك الملك البربري على خديعة يوغورطة. وتجدد بذلك دور ميتلوس وبوملكار. وإذا كان يوغورطة قد نجا إذ ذاك؛ قد قدر عليه أن لا ينجو هذه المرة. ولا ينفع حذر من قدر.
ابتدأ دور الخداع بمراسلة يوغورطة بطلب الاجتماع للمفاوضة في الصلح. فلم ينس دور ميتلوس وبوملكار. وأراد أن يتوثق لنفسه. فأرسل الى بوكوس يجيبه الى المفاوضة بشرط تسليم صيلة له بصفة ضمان. فتردد بوكوس أياما بين أن يسلم صيلة ليوغورطة أو يوغورطة لصيلة. وأخيرا اختار- وبئسما اختار- أن يسلم ابن جنسه وبعل ابنته للرومان ترضية لهم. فاقتطع ليوغورطة عهودا على الامان. فانخدع له. وما كان لينخدع لمن هو أدهى منه لولا المصاهرة والجنسية.
اتفق الاثنان على الاجتماع بصيلة بشرط أن يكون الجميع مجردين من السلاح. ودس صيلة عساكر مسلحة. ولما اجتمعوا انهالت تلك العساكر على يوغورطة وأوثقوه! ثم ذهبوا به الى مريوس. وذلك سنة (١٠٦).
وفي أول سنة (١٠٤) ذهب مريوس الى رومة في أبهة النصر وأمامه يوغورطة بلباسه الملوكي موثقا بالأغلال. فأودع السجن الى أن مات به من شدة الجوع وكلب البرد!.
وهكذا ختمت حياة بطل الحرب وداهية السياسة ورجل الاستقلال. شغل رومة مدة نحو سبع سنوات بحروب تعبت فيها تعبا شديدا. ولم تر منذ نزلت بأفريفية حروبا تضاهي حروب يوغورطة التي اشتهرت في عالم التاريخ القديم حتى خصت بالتأليف. ولم تحصل من خوضها لغمرات هذه الحروب على طائل سوى أخذ شخص يوغورطة بالخديعة والخيانة.