للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان عليه ان يتولى تأبينه في غياب الشيخ البشير الابراهيمي الذي كان بالمنفى آنذاك. وتقدم يتلو: " {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} الآية " لكنه لم يستطع ان يواصل التأبين، فقام الشيخ العربي بالمهمة. ذلك ما سمعته فيما بعد. لكن الذي شاهدته بنفسي هو حالته حين عودته من الجنازة. كنا نستعد للاحتفال بعيد المولد النبوي. وكان من أحب الاعياد الى الاطفال: فيه نطلق الشماريخ، ونفجر المحارق ونشهد احتفالات وسهرات في النادي تلقى فيها خطب تأسرنا وتشدنا وان كنا لا نفهم الكثير مما يقال فيها.

كنت أفرح بالمولد فرحا زائدا على اقراني واترابي: فقد كان من عادة أبي ان يقضي اربعة ايام من كل اسبوع في قسنطينة، ومن ثم كان يأتي لي من هناك بأصناف من الشماريخ والمحارق لا تتوفر في اسواق ميلة، فتكون لي فرصة للزهو على الاصحاب والاقران. كنت انتظر عودته بفارغ صبر. وهرعت اليه كالعادة سائلا عن المحارق، رغم اني كنت أعرف انه عائد من جنازة الشيخ، لم أكن مدركا لمدى التأثير الذي خلفه لديه موت الشيخ عبد الحميد.

لم يستطع ان يرد علي. فقد القدرة على الكلام. ظل كذلك اياما لا يعبر خلالها عما في نفسه الا اشارة وايماء.

وقد اطلعت فيما بعد، على رسالة وجهها الى الشيخ البشير الابراهيمي. وكان هذا الاخير قد طلب منه ان يصف له يوم الجنازة. وقد حفظت جملة وردت في رسالة الشيخ البشير وهي قوله " لقد غبت يوم الختم، وغبت يوم الاتم " وكان الشيخ البشير يشير الى تغيب والدي عن الاحتفال الذي أقيم بقسنطينة في مناسبة الاحتفال بختم الشيخ بن باديس لتفسير القرآن، اذ كان موجودا آنذاك بفرنسا للعلاج.

وقد رد الشيخ مبارك على رسالة صديقه، يصف له وقع الحادث عليه ويقول له فيها ما اذكر معناه:

- عندما سمعت لدى وصولي الى قسنطينة بموته شعرت ان الدورة

<<  <  ج: ص:  >  >>