لا يأبه بمعاكسة الايام. ولا تقف أمام عزيمته العقبات. ولا يفشل للنوائب والصدمات. فمكث بعيدا عن الرومان بالصحراء حتى بلغته وفاة يوبا. فجدد عزمه. وجمع جموعه. واستثار القبائل الجيتولية من جديد. وحاصر بعض المدن. فعين الرومان لحربه دولبلة (DOLABELLA). وابتدأ هذا الروماني بقتل عظماء الجيتوليين.؛ واتخذ مراكز للجنود على حدود الصحراء. وطلب من بطليموس امداده برجال البربر فأمده. وبلغ تقفاريناص مدينه توبوسبطوس (TUBUSUPTUS) - تيكلات-، فحاصرها. وبرز اليه دولبلة بعد ذلك الاستعداد فأجلاه عنها. وفر أمامه- كعادته- الى الصحراء. فلقيته الجنود المرابطة بحدودها.
هنالك توجه نحو موريطانيا اعتمادا على وعد حاشية بطليموس له بالاعانة. فأحاطت به الاعداء في الطريق. وما بلغ عوزية (سور الغزلان) حتى أدركه دولبلة. وانقض عليه ليلا فافنى جيشه وقتله! وذلك سنة (٢٤).
وهكذا انتهت حياة هذا البربري الذي يحمل بين جنبيه روحا استقلالية، وهو يعلم ما فيها من المصاعب، اذ ما كان يجهل قوة رومة ولا انتشار نفوذها بالوطن البربري. ولكنها العزائم الفولاذية تدفع باربابها الى ما وراء التأمل في العواقب. والبطولة قد تنتهي بصاحبها إلى الجنون.
سر الرومان بالقضاء على شخص تقفاريناص الذي شغلهم مدة ثماني سنين. وجازى مجلس الشيوخ بطليموس على اعانته بقضيب من عاج وحلة مطرزة بالذهب. حمل هذه الجائزة أحد الشيوخ وذهب بها الى بطليموس مكلفا من قبل زملائه بمقابلته وتهنئته باسم "ملك حبيب حليف".